ثانيا: أن الناسخ مظنة للوقوع في مثل تلك الأخطاء اللفظية والمعنوية على حد سواء، فاللفظية لا يمكن أو يستبعد المطلع نسبتها إلى المؤلف؛ لأنها جزء من خط الناسخ وأسلوبه وسهوه. والمعنوية كذلك من حيث أن المؤلف من علماء الاجتهاد المشهورين قبل أن يؤلف كتابه هذا، ليس في الفقه فحسب، بل وهو بعلمه ومؤلفاته في علوم اللغة، من مشاهيرها. ثم إن المعروف عن معظم النساخ استعانتهم بمن يملي عليهم من النسخة الأم، تسهيلا لعمل النسخ وإسراعا في إنجازه، ولا يشترطون في من يستعينون بهم في الإملاء أكثر من قدرتهم على الإملاء.
ومن هنا فإن الناسخ أقرب إلى احتمال وقوعه في الخطأ.
ثالثا: أن لو احتملنا وقوع المؤلف في بعض الأخطاء سهوا، فهو لا شك بشر يجوز عليه السهو والخطأ، ولكن يصعب على المطلع العارف أن ينسب بعضا من الأخطاء المعنوية إلى المؤلف، وخصوصا من التي لا يمكن تأويلها.
وأكتفي بهذه الأسس، أو الأدلة الثلاثة.
الثالثة: أنه لو أمكن تأويل بعض الأخطاء الواردة، فإنه يصعب وربما يستحيل تأويلها كلها، ولا يجد الباحث الحصيف بدا من نسبة معظمها إلى الناسخ، وخصوصا أن كثيرا منها اختصت به هذه النسخة مما وضحته مقارنتها بالنسخة الأخرى التي سنتحدث عنها، وإن كانت بعض الدلائل تشير إلى أن النسخة الثانية قد نسخت عن هذه النسخة التي هي موضوع الحديث. وهنا انتهى الحديث عن الشق الأول من الفقرة الخاصة بخط المخطوطة.
1- الشق الثاني: شكل النسخة من خارجها:
وقد سبق عرض مقاساتها حروفا وصفحات وهوامش، وتبقى الإشارة إلى أنها منسوخة على ورق (جلد) ناعم يساوي مقاس (100 جرام) تقريبا. ولكن لون الورق قد مال إلى الصفرة، وظهرت على أطراف الورق شروخ بحكم التقادم. وتقع بأجزائها الثلاثة في مجلد واحد قديم مغلف بقماش قد انحسر معظمه عن دفتيها من الخارج، وصفات أخرى لا تعدو كثيرا نظائرها من المجلدات المخطوطة القديمة.
1- الرابعة: مصدرها:
حصلنا على هذه النسخة الثلاثية الأجزاء من مكتبة آل الذاري التي كانت في منزلهم في منطقة الذاري(¬1) ثم نقلوها إلى صنعاء.
مخ ۵۰