435

انتصار

الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197

سیمې
یمن

الفرع السادس: في كيفية طهارة البئر بالمكاثرة بالماء لما فيها من الماء النجس.

اعلم أن الكلام في التطهير بالمكاثرة مترتب على الكلام في التنجيس بالمجاورة، وقبل الخوض فيما نريده من طهارة الأرض بالمكاثرة نذكر مذاهب العلماء في التنجيس بالمجاورة، ولهم في ذلك مذاهب ثلاثة :

المذهب الأول: أنه لا نجاسة بالمجاورة أصلا، فإذا وقعت نجاسة في ماء راكد أو جار، فإنه لا ينجس إلا عين النجاسة، ولا تنجس ما لاصقها من الماء وجاورها إلا أن يكون متغيرا بها، وهذا هو رأي الإمام الناصر، ومحكي عن أبي يوسف والشافعي في أحد قوليه.

والحجة على ذلك: قوله : (( خلق الماء طهورا لا ينجسه إلا ما غير ريحه أو طعمه )). وهذا عام في جميع المواضع كلها.

المذهب الثاني: أنه ينجس موضع النجاسة والمجاور الأول والمجاور الثاني، وهذا هو رأي الإمام المؤيد بالله، والإمام الهادي وأولاده، ومحكي عن السيد أبي العباس.

والحجة على ذلك: قوله : (( إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا)). فإذا كان الشك في النجاسة يشرع في غسلات ثلاث، فهكذا يكون في النجاسات إذا كانت متحققة فلا يطهر المحل إلا بثلاثة أمواء: فالأول: نجس لمجاورته عين النجاسة. والثاني: نجس لمجاورته الأول. والثالث: تكون به الطهارة. فعلى رأي هؤلاء، فالمتنجس ليس إلا ماءين والثالث طاهر لا تعرف نجاسة في طهارته.

المذهب الثالث: أنه لا ينجس إلا عين النجاسة وما جاورها فقط، وهذا هو رأي الإمام أبي طالب، ومحكي عن أبي حنيفة.

والحجة على ذلك: هو أن النجاسة ليس لها قوة إلا على ما جاورها دون ما بعد عنها ما لم تغيره، ومع بعدها عنه يكون على أصل الطهارة إلا أن يتغير بها، فمن أجل ذلك قلنا: إنه لا ينجس إلا ما جاورها لاتصاله بها، فهذا تقرير المذاهب بأدلتها الشرعية.

مخ ۴۴۳