399

انتصار

الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197

سیمې
یمن

والحجة على ذلك: هو أن هذه عين استحالت وخرجت عما كانت عليه من الصفة، فوجب القضاء بطهارتها كالخمر إذا صارت خلا، أو نقول: إنها بالاستحالة التامة خالفت ما كانت عليه من النجاسة في الاسم والصفة والتركيب، فوجب القضاء عليها بالطهارة، كالنطفة إذا صارت آدميا.

المذهب الثاني: أنها تكون نجسة، وهذا هو رأي المؤيد بالله قديما، وهو قول الشافعي.

والحجة على ذلك: هو أن طريق التطهير الشرع، ولم يرد الشرع بأن النار مطهرة وهكذا القول في سائر الاستحالات، لا تكون مطهرة لما كانت عليه من النجاسة؛ فلهذا وجب الحكم عليها ببقاء النجاسة حتى تغسل كسائر النجاسات.

والمختار: ما قاله المؤيد بالله أخيرا، وأبوحنيفة.

والحجة على ذلك: هو أن هذه استحالة تامة لم يبق لها أثر في الهيئة والطعم والرائحة، فوجب الحكم عليها بالطهارة؛ كالدم إذا صار لبنا؛ لأن الموجب لنجاسة العذرة والميتة إنما هو وجودها على ضرب من الاستحالة والتغير عما كانت عليه من قبل، وقد زال ذلك بالاحتراق فمن أجل ذلك حكمنا عليها بالطهارة كالدم إذا صار لبنا من غير فرق، أو نقول: إنما كانت العذرة والميتة نجسين لأمر يصح لأجله إطلاق الاسم عليها، وبعد الاحتراق قد بطل إطلاق اسم العذرة والميتة عليهما بكل حال، فلهذا حكمنا ببطلان النجاسة.

الانتصار: يكون بإبطال ما اعتمده على بقاء حكم النجاسة.

قالوا: والمحكوم عليه بالتنجيس في العذرة والميتة إنما هو الجرم والبلة، ولا شك أن الاستحالة في الجرم دون البلة فهي باقية فلا يطهرها إلا الغسل بالماء دون الاستحالة.

قلنا: عن هذا جوابان:

أما أولا: فلأنه إذا بطل حكم جرم النجاسة بالاستحالة وجب بطلان البلة تبعا له؛ لأن الجرم أعظم في التنجيس من البلة فلأجل هذا بطل حكمه تبعا لها.

وأما ثانيا: فهذا معارض بالدم فإن جرمه قد تغير بصيرورته لبنا، فإذا بطل حكم بلة الدمية عند كونه لبنا فهكذا ما نحن فيه من غير تفرقة بينهما.

مخ ۴۰۶