396

انتصار

الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197

سیمې
یمن

فهذه الأمور العشرة قد تسامح الشرع فيها وعفا عنها، وتسامحه فيه دلالة ظاهر وقرينة معرفة على أن مبنى الطهارات كلها على التساهل، وأن كل ما زيد فيه على خلاف قانون الشرع ووضعه فإنما هو بدعة نشأت من جهة الوسوسة لا أصل لها. وبتمامه يتم الكلام على الفصل الأول من باب النجاسات، والله أعلم بالصواب.

الفصل الثاني: في بيان الكيفية في إزالة هذه النجاسات

اعلم أن الذي ورد به الشرع هو التحرز من النجاسات والبعد عنها، كما قال الله تعالى: {والرجز فاهجر}[المدثر:5]. والرجز: هو النجس، فأما الرجز في قوله تعالى: {فأرسلنا عليهم رجزا من السماء}[الأعراف:162].فإنما هو العذاب، وفي الحديث: (( إن الله نظيف يحب النظافة فتنظفوا )). ثم إن الإزالة مختلفة باختلاف النجاسات نفسها، منها ما لا يقبل النجاسة، ومنها ما لا يمكن غسله فمنها ما يمكن غسله خلا أنه يتعذر من جهة المشقة، ومنها ما هو ممكن الغسل، فهذه أمور أربعة نعقدها في نوعين لاندراجها تحتهما، ثم نذكر ما يختص كل واحد منها من المسائل:

النوع الأول منها: ما لا يقبل النجاسة لصقالته، وهذا نحو: المرآة والسيف والزجاج والذهب وغيرها من الأشياء الصقيلة، فإذا أصابتها نجاسة فهل تطهر بالمسح أو لابد من الغسل؟ فيه مذهبان:

المذهب الأول: أنها لا تطهر إلا بالغسل لا غير، وهذا الذي ذكره المؤيد بالله، وأشار إلى أنه مذهب الهادي، وهو قول الشافعي وأصحابه.

والحجة على ذلك: هو أنه محل نجس فلا يطهر بالمسح كالثوب، أو نقول: محل اتصلت به النجاسة فلا يطهر إلا بالغسل كالأثواب والآنية.

المذهب الثاني: أنه يطهر بالمسح فإذا داس(¬1) ما هو صقيل بالخرقة أو بالخشن كان طاهرا، وهذا هو رأي زيد بن علي، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه، ومالك.

مخ ۴۰۳