انتصار
الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197
ژانرونه
والحجة على ذلك: ما روى جابر بن عبدالله، أن الرسول ، قال: (( نعم الإدام الخل))(¬1). فأثنى عليه، وفي هذا دلالة على طهارته وعلى حل شربه، وقد عرف في مطرد العادات واستمرارها، أنه يستحيل أن يكون خلا من غير أن يكون خمرا، وفي هذه دلالة على أنها إذا صارت خلا بنفسها من غير معالجة جاز وحل شربها وحكم بطهارتها.
الانتصار: يكون بإبطال ما اعتمدوه في تحريمها.
قالوا: صارت خلا بعد أن كانت خمرا فأشبه ما لو عولجت بذلك، وقد قررنا أن علاجها لا يبيح ذلك.
قلنا: فرق بين أن يصير خلا بنفسه وبين أن يصير بفعل الآدمي، فمتى صار خلا بفعل الآدمي فهو نجس، وإن كان بنفسه طهر وحل شربه كما تقدم، كما يكون ذلك في الصيد إذا خرج من الحرم بنفسه، ولا يحل إذا أخرجه آدمي.
الفرع الخامس: وهل يطهر الدن الذي هي فيه أم لا؟ والأقرب: أنه يطهر، وهو أحد قولي الشافعي، وله قول آخر: أنه لا يطهر إذا كان مما يقبل النجاسة كالدنان والقصاع والفخارات، وإن كان مما لا يقبل النجاسة طهر، كالزجاج وآنية البلور؛ لأنها إذا كانت مما يقبل النجاسة فإنه(¬2) لا يطهر إلا بالغسل، وإن كان مما لا يقبلها طهر بالحكم لأنه لا تنشب به.
والحجة على ما قلناه: وهو الأصح من قولي الشافعي، هو أن نجاستها إنما كانت لاتصالها بالخمر وكونها وعاء لها، فإذا حكمنا بطهارة الخمر لما استحالت خلا وجب الحكم بطهارتها على جهة التبع، وهكذا حال المغرفة أيضا.
ولا يجوز إمساك الخمر لغرض أنها تصير خلا، لما روي (( أن الرسول ، لعن عاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه)). ولا شك أن كل من أمسكها لغرض التخليل فإنه مندرج تحت هؤلاء الملعونين لكونه متلبسا بها، فإن أمسكها حتى تخللت بنفسها، فهل تطهر ويحل شربها أم لا؟ فيه الوجهان اللذان ذكرناهما في حكمها إذا تخللت من غير فعل آدمي.
مخ ۳۹۱