انتصار
الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197
ژانرونه
والمختار من ذلك: ما قررناه من قبل، من أن تعليق النجاسة إنما هو بالسفح كما أشار إليه الشرع بقوله: {أو دما مسفوحا}[الأنعام:145]. فأما ما عداه فهو باق على حكم الطهارة كما هو رأي الهادي، فأما ما يعفى عنه من النجاسات فسنذكره في آخر الباب.
مسألة: الآدمي غير الكافر، طاهر في حال الحياة؛ عرقه وسؤره ولعابه، وهل ينجس في حال موته أم لا؟ فيه مذهبان:
المذهب الأول: أنه يكون نجسا، وهذا هو رأي القاسم بن إبراهيم والهادي وأولادهما، ومحكي عن السيدين الأخوين: المؤيد بالله وأبي طالب وغيرهم من أئمة العترة، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه، ومالك، وأحد قولي الشافعي، ولهم على ذلك حجج [ثلاث]:
الحجة الأولى: قوله تعالى: {حرمت عليكم الميتة}[المائدة:3]. ولم يفصل في ذلك بين ميتة وميتة، في ترك الاستعمال والملابسة لها إلا ما قام عليه دليل، والتحريم إنما يتعلق بالأفعال دون الأعيان.
الحجة الثانية: ما روي أن حبشيا وقع في بئر زمزم فأمر ابن عباس وابن الزبير بنزح مائها، فلولا أنه نجس وإلا لكان الأمر بالنزح لا فائدة فيه.
الحجة الثالثة: من جهة القياس، وهو أنه ميتة غير مذكى له دم سائل، فوجب كونه نجسا كسائر الميتات.
المذهب الثاني: أنه طاهر، وهذا شيء يحكى عن الشافعي في أحد قوليه، له قول آخر مثل مذهب أصحابنا.
والحجة على ذلك: قوله تعالى: {ولقد كرمنا بني آدم}[الإسراء:70]. ومن الكرامة أن لا يكون نجسا بعد موته.
الحجة الثانية: قوله : (( المؤمن ليس ينجس حيا ولا ميتا)).
والمختار: ما عول عليه أئمة العترة ومن وافقهم على ذلك.
والحجة لهم: ما حكيناه عنهم؛ ونزيد ههنا: وهو أن حيوان فارقته الحياة على جهة الابتداء من غير سبب، وله دم سائل فوجب كونه نجسا كسائر الميتين.
مخ ۳۵۹