انتصار
الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197
ژانرونه
الفرع الثاني: القيح والصديد والمدة(¬1)، نجسة؛ لأنها دماء استحالت إلى نتن وفساد، فإذا كان الدم نجسا كما مر بيانه فهذه تكون أولى، وأما المكو(¬2) وهو الذي يلحق الأيدي والأرجل عند شدة الاحتراك والاعتمال فتظهر نفخات منها بماء غير متغير، فهل يكون ماؤها نجسا أم لا؟ فيه وجهان:
أحدهما: أنها نجسة؛ لأنها تلحق الجسم عن فساد وتغير فأشبهت القيح.
وثانيهما: أنها طاهرة؛ لأن ما فيها ماء غير متغير فأشبه العرق والدمع، وهذا هو المختار، وهو الذي ذكره الإمام الحقيني وأبو مضر، والأول ذكره من أصحابنا: الشيخ علي خليل، والقاضي أبو إسحاق.
والحجة على ما اخترناه: أن ماءها رقيق صاف حصل من فضلات الجسم، فهي بالعرق أشبه.
وذرق الحوت والجراد طاهران عندنا، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه والشافعي؛ لأن ميتتهما طاهرة ولحمهما طاهر، فيجب أن يكون الذرق طاهرا إلحاقا له باللحم من غير فرق.
الفرع الثالث: البلة التي تكون في فروج النساء، ينظر فيها فإن كانت مختصة بلون أبيض فهي نجسة، ويقال له: القذا، وفي الحديث: (( كل فحل يمذي، وكل أنثى تقذي))(¬3). أي: يخرج منها القذا، وإن لم يكن له لون نظرت، فإن كان مختصا بريح خبيث فهو نجس أيضا على المذهب، وهو أحد قولي الشافعي، وله قول آخر: أنه طاهر.
والمختار: هو الأول؛ لأنه صار متغير الريح فأشبه القيح، وإن كان لا لون له ولا ريح فهل يكون طاهرا أو نجسا؟ فيه وجهان:
مخ ۳۵۶