انتصار
الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197
ژانرونه
وحكي عن الشافعي أنه ينجس بالموت، قولا واحدا، وهل يكون منجسا للطعام؟ فيه قولان.
والحجة له على ماقاله: هو أنه حيوان لا يؤكل بعد موته لا لحرمته، فيجب أن يكون نجسا بالموت كما لو كانت له نفس سائلة.
وقولنا: لا لحرمته. نحترز به عن ابن آدم فإن عنده أنه لا ينجس بالموت.
والمختار: ما عول عليه علماء العترة ومن وافقهم من علماء الأمة، ويدل على ذلك ماحكيناه عنهم ونزيد ههنا، وهو مارواه سلمان الفارسي (¬1) عن الرسول أنه سئل عن إناء فيه طعام أو شراب فيموت فيه ماليس له نفس سائلة، فقال: ((هو الحلال أكله وشربه والوضوء منه))(¬2) ولأن ما هذا حاله تعظم به البلوى ويشتد به الحرج لوكان ينجس الطعام بموته، فيجب أن يكون حكمه مرفوعا في التنجيس لقوله تعالى: {وماجعل عليكم في الدين من حرج}[الحج:78]. وقوله تعالى: {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر}[البقرة:185]. واليسر ورفع الحرج لا يكونان إلا بطهارته فيجب القضاء بها.
الانتصار: قالوا: نتلوا الآية وهي قوله تعالى: {حرمت عليكم الميتة}[المائدة:3]. وهذا عام في كل ميتة فيجب أن يكون نجسا في نفسه منجسا لما وقع فيه.
قلنا: ليس في الآية إلا أنه يحرم أكلها ونحن نساعدكم على ذلك وليس كلامنا فيه، وإنما كلامنا في أنه لا ينجس في نفسه، ولا ينجس ما وقع فيه من المائعات، وما هذا حاله لانسلم تناول الآية له.
قالوا: حيوان محرم اللحم فموته في الماء مفسد له كالكلب والخنزير.
قلنا: قولكم محرم اللحم، وصف عديم التأثير؛ لأن الشاة لو ذبحت في الماء لأفسدته بدمها ومع ذلك فإنه لايحرم أكلها فبطل جعله وصفا من أوصافها، ثم إن التفرقة بينهما ظاهرة، فإن المعنى في الأصل هو أن لها دما مسفوحا بخلاف ما نحن فيه فافترقا.
ثم إنا نقلب عليهم إذا قالوا: حيوان له دم سائل، فوجب أن لا يختلف حلاله وحرامه في أن موته في الماء يفسده.
فنقول: حيوان لا دم له سائل فيجب أن لا يختلف حاله في كونه غير مفسد للماء كالسمك والجراد، وكذلك ما حرم أكله مما لا دم له سائل لا يفسده أيضا كالذباب والزنبور، وهذا من باب قلب التسوية، وهو مفسد للعلة؛ لأن أصلهم الشاة والبقرة في استواء الحلال والحرام لهما في إفساد الماء،، وأصلنا السمك والجراد فيما يؤكل لحمه والذباب والزنبور فيما لا يؤكل لحمه في كونها غير مفسدة للماء.
قالوا: حيوان لا يؤكل بعد موته لا لحرمته فيجب كونه منجسا للماء كما لا يؤكل لحمه.
مخ ۳۵۴