347

انتصار

الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197

ژانرونه

فقه

قلنا: تخفيف الشرع فيه هو أنه أسقط حكمه في الغسل ونقض الطهارة به لا في كونه نجسا، فهذا هو الذي وقع فيه النزاع، فد لوا عليه لتصح دعواكم فيه.

واعلم أن التفرقة بين مذهب الإمامين: الهادي والمؤيد بالله في ذلك ظاهرة، وهو أن الهادي لا يفتقر إلى تقدير مايعفى عنه من ذلك؛ لأنه طاهر عنده، ولا عفو فيما كان طاهرا ، وأما المؤيد بالله فإنه يفتقر إلى تقدير ما يعفى عنه لما كان نجسا عنده فلابد من التفرقة بين مايعفى عنه منه وما لا يعفى، فهذه هي ثمرة الخلاف بينهما في ذلك وهما متفقان على كونه غير ناقض للطهارة ولا يجب غسله إذا لم يكن سائلا.

مسألة: الحيوان الذي له نفس سائلة، هو الذي إذا ذبح سال دمه عن موضع الذبح كالشاة، والبقرة، والحمامة، والدجاجة، وما أشبهها، لأن النفس هي الدم، والحيوان الذي لا نفس له سائلة هو الذي إذا ذبح لم يسل دمه عن موضع ذبحه كالذباب والزنبور والجراد وغير ذلك من الحيوانات التي لا نفوس لها، فهذا هو مراد الفقهاء بقولهم في الحيوان: له نفس أو لا نفس له.

فإذا عرفت هذا فالذي ذهب إليه أئمة العترة، وأكثر الفقهاء: أبوحنيفة وأصحابه، ومالك، والشافعي في أحد قوليه أن جميع هذه الحيوانات التى لا نفوس لها سائلة لا تنجس بالموت ولا تكون منجسة للطعام بموتها فيه.

والحجة على ذلك: ماروى زيد بن علي، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (كرم الله وجهه) أن الرسول ، أتي بجفنة قد أدمت فوجد فيها خنفساء وذبابا فأمر بهما فطرحا ثم قال: (( سموا وكلوا فإن هذا لا يحرم شيئا))(¬1). وهذا عام في جميع الحيوانات كلها التى وصفناها، في كل المائعات.

الحجة الثانية: قوله : (( إذا وقع الذباب في طعام أحدكم فامقلوه فإن في أحد جناحيه داء والآخر شفاء، وإنه ليقدم الداء علىالشفاء )). ولم يفصل هناك بين مقل متلف ومقل غير متلف فلو كان ينجس المائع بموتة لفصل بينهما.

الحجة الثالثة: من جهة القيا س، وهو أنه حيوان ليس له دم سائل ولا نفس سائلة فلا ينجس الماء بموته فيه كدود الخل وكدود التفاح والسمك والجراد.

مخ ۳۵۳