انتصار
الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197
ژانرونه
وحكي عن الحسن بن صالح: أن جميع الدماء السافحة كلها طاهرة إلا دم الحيض، فلم يستثن من الدماء إلا ماذكرناه من دم الحيض لاغير، والحسن هذا كان له تقدم وفهم وإليه تنسب فرقة من الزيدية يقال لها: الصالحية، وهم مخالفون للجارودية من جهة أن الجارودية لا يحسنون الظن في أبي بكر وعمر، والصالحية يتولو نهما ويقولون بإمامتهما، والحسن هذا هو صهر عيسى بن زيد (¬1). هربا من المهدي (¬1) وطلبهما فلم يقدر عليهما وماتا بالكوفة (رحمهما الله تعالى).
والحجة له على ما قاله، هو أن الدم خارج أعماق البدن، فلم يكن نجسا كالريق والدمع والعرق، وغيرها من الفضلات.
والمختار: ماعول عليه أئمة العترة، وفقهاء الأمة من الصحابة والتابعين.
والحجة لهم: ما أوردناه لهم على نجاسته، ونزيده ههنا، وهو أن الاجماع منعقد من جهة الصدر الأول ومن بعدهم من التابعين إلى زمن الحسن بن صالح، أن ما كان من الدماء سائلا فإنه يكون نجسا لا محالة، فما خالف هذا الإجماع وجب القضاء ببطلانه وفساده.
الانتصار: قالوا: الدماء رطوبات حاصلة في البدن، فكانت طاهرة كالدمع والبصاق وغيرهما.
قلنا: هذا فاسد، فإن المعنى في تلك الرطوبات أنها إنما كانت طاهرة من أجل أنها غير مستحيلة، بخلاف الدماء فإنها رطوبات مستحيلة، فأشبهت في الاستحالة البول والغائط، وغيرهما مما يكون مستحيلا.
قالوا: الآيات الدالة على تحريم الدماء إنما هي دالة على تحريم أكلها لا أنها دالة على نجاستها، وأحدهما بمعزل عن الآخر، ولهذا عقب ذكر الدم بالأشياء المأكولة كما في قوله [تعالى]: {حرمت عليكم الميتة والدم}[المائدة:3]. وقوله تعالى: {قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا}[الأنعام:145].
فنقول: إنه يحرم أكله، ولكنه طاهر؛ فإن المعنى بكونه نجسا هو أنه لا يلابس الصلاة، وتحريم الأكل مخالف لهذا المعنى.
قلنا: هذا فاسد لأمرين:
مخ ۳۴۹