انتصار
الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197
ژانرونه
ويستحب تغطية الآنية وإيكاء الأسقية، وإغلاق الأبواب، وتطفئة السراج عند النوم، لما روي عن النبي أنه قال: (( خمروا آنيتكم وأوكوا قربكم)). والإيكاء: هو ربط أفواهها لئلا يهراق ما فيها من الماء أو يدخل فيه شيء من الحشرات. (( وأغلقوا أبوابكم لأن الشياطين لا تفتح بابا مغلقا، وأطفئوا سرجكم لأن الفويسقة(¬1). ربما جاءت فسحبت الذبالة فأحرقت البيت)). فإن وجد غطاء على الإناء وإلا عرض عليه عودا لما روي عن النبي أنه قال: (( فإن لم تجد غطاء فلتعرض عليه عودا))(¬2). لأنه إذا كان كذلك هابت الحشرات أن تقربه.
دقيقة: اعلم أن جميع ما أوردناه في هذا الباب من الكلام في تنجيس الماء، وإن لم يكن متغيرا، وما يجوز الوضوء به من ذلك وما لا يجوز، والكلام في تحري الآنية عند الاشتباه فيها بين النجس منها والطاهر، والكلام في الآنية التي يحرم استعمالها من أجل تنجيسها للماء وإن لم تكن مغيرة له، إنما كان على رأي كثير من أئمة العترة وأكثر فقهاء الأمة في تنجيسهم للماء وإن لم يكن متغيرا إذا كان قليلا، فأما ما حكيناه من ظاهر كلام القاسم بن إبراهبم وهو المحكي عن مالك، ورأي الشيخ أبي حامد الغزالي وهو الذي اخترناه كما مر تقريره، فلا وجه لهذه التفريعات من جهة أن المعيار الضابط لنجاسته إنما هو تغيره لا غير، كما هو الظاهر من نصوصات الشرع وعمومات الأخبار الواردة في الماء وأنه لا يكون نجسا إلا بغلبة النجاسة عليه واستيلائها على تغيير أوصافه أو بعضها، فأما اتصال المطهرات به فلا تؤثر في تطهيره إلا إذا أزالت عنه اسم الماء كالمرق، أو كان مزيلا لمطلق الماء عنه، نحو ماء الورد وماء الشجر وغير ذلك مما يزيل مطلق الاسم عنه، وقد فصلنا من قبل وأتينا على جميع هذه المسائل كلها وفصلناها، والله الموفق للصواب.
مخ ۳۲۹