انتصار
الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197
ژانرونه
المذهب الرابع: أن الجلود كلها تطهر بالدباغ إذا ماتت، وهذا هو المحكي عن داود من أهل الظاهر، ويروى عن أبي يوسف أيضا.
والحجة على ذلك: ما رويناه من الأحاديث العامة في طهارة جلود الميتة؛ فإنها لم تخص شيئا عن شيء، ولا شك أن العموم ظاهر فيما كان دالا عليه ولا يخص إلا بدلالة منفصلة.
المذهب الخامس: أنه يطهر بالدباغ جلود ما يؤكل لحمه، ولا يطهر جلود ما لا يؤكل لحمه، وهذا شيء يحكى عن الأوزاعي وأبي ثور.
والحجة على ذلك: هو أن حديث شاة ميمونة إنما كان فيما يؤكل لحمه دون مالا يؤكل لحمه، فلا جرم قصرناه عليه، ولأنها أكثر ما ينتفع بأهبها في العادة.
المذهب السادس: أنه يطهر ظاهر الجلد بالدباغ دون باطنه، وعلى هذا تجوز الصلاة عليه ولا تجوز فيه، ويجوز الانتفاع به في الأشياء اليابسة دون الأشياء الرطبة. وهذا شيء يحكى عن مالك.
والحجة على ذلك: هو أن باطن الجلد هو الملاقي للنجاسة والمباشر لها عند الموت، فلهذا لم يؤثر الدباغ في طهارته بخلاف ظاهر الجلد فإنه لم يلاق نجاسة الميتة، فلا جرم أثر فيه الدباغ.
وحكي عن الزهري: أنه أنكر الدباغ، وقال: بأنه يجوز الانتفاع بجلود الميتات على كل حال. فهذا تقرير المذاهب بأدلتها بحسب الوسع.
والحجة للزهري: حديث ابن عباس رضي الله عنه وهو أنه عليه السلام مر بشاة ميتة فقال: (( ما على أهل هذه لو أخذوا إهابها فانتفعوا به))(¬1). ولم يذكر الدباغ ولا شرطه.
والمختار: ما عول عليه علماء العترة ومن وافقهم من الصحابة (رضي الله عنهم) والتابعين، من نجاسة الجلود في الميتة دبغت أو لم تدبغ.
مخ ۳۱۷