290

انتصار

الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197

ژانرونه

فقه

حكي عن جماعة من أهل خراسان أن المتحري لا يحتاج إلى نوع استدلال كما يحتاج المجتهد في الأحكام ، ولكن يكفيه أن يبني أمره على الطهارة لقوله : (( ظن المؤمن لا يخطئ))(¬1).

وهذا فاسد، فإنه إذا كان لابد من إفادة الظن وتحصيله ليزول به الاشتباه، فلا بد من أمارة وهي لا تكون حاصلة إلا بنوع استدلال ونظر في الأمارات.

والذي عليه أئمة العترة وعليه أكثر فقهاء الأمة أنه لابد من نظر واستدلال في الآنية والثياب لتميز النجس منها عن الطاهر، وذلك يحصل بأمارات ينقدح الظن لأجلها مختلفة، إما بتغير لون أو رائحة أو اضطراب في الماء أو لوقوع الترشش حول الماء، أو بأن يرى أثر الكلب عند الماء، أو بنقصانه إذا كان قليلا يؤثر فيه الولوغ بأن يكون الإناء ممتلئا، أو بغير ذلك من الأمارات التي تكون محركة للظن في كونه قد صار نجسا، فإذا حصلت له نجاسته بأي الأمارات التي ذكرناها لم يجز استعماله وجاز له استعمال غيره، وصار الذي غلب على ظنه كونه نجسا حراما بالإضافة إلى ظنه لا بالإضافة إلى نفس الإناء، فلهذا فإنه لو غلب على ظن غيره طهارته جاز له استعماله، فأما امتحان نجاسة الماء بالذوق فلا وجه له؛ لأنه ربما كان نجسا فلا يحل له ذوقه قبل أن يغلب على ظنه طهارته، وهكذا التحري في الأثواب إما بلون النجاسة وإما بريحها أو وقوع عليها بأن تكون قريبة من النجاسة دون الثوب الآخر، أو غير ذلك من الأمارات المثيرة للظنون فيجب استعماله.

الفرع الثالث: وإن وقعت النجاسة في أحد الإناءين فاشتبها ثم اهراق أحدهما على الأرض قبل الاجتهاد في طهارة أحدهما، ففيه على المذهب احتمالات ثلاثة:

الاحتمال الأول: أن يتحرى في الباقي ويعمل نظره في طهارته أو نجاسته؛ لأن جواز الاجتهاد قد تقرر قبل الانقلاب فلا يسقط بالانقلاب.

الاحتمال الثاني: سقوط التحري، ويجب عليه التيمم للصلاة؛ لأن حقيقة التحري والاجتهاد إنما تعقل بين أمرين.

مخ ۲۹۵