269

انتصار

الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197

ژانرونه

فقه

الانتصار: يكون بإبطال ما خالفه.

قالا: الإقدام على التوضؤ به وهو على هذه الصفة يكون معصية فيؤثر في كونه قربة، فلهذا قضينا بكون الوضوء غير مجزئ.

قلنا: الماء في نفسه طاهر حلال لا مرية فيه فلا أثر لاعتقاده وقد نوى به القربة وقد صادفت القربة ماء حلالا فلا يؤثر في حاله الاعتقاد بكونه مغصوبا، ويؤيد ما ذكرناه: أن رجلا لو عظم رجلا هو أبوه وقد اعتقد أنه غير أبيه فإن التعظيم منصرف إلى أبيه لا محالة، ولا أثر لاعتقاده كونه غير أبيه، ولهذا قلنا: بأن عبادة المشبهة منصرفة إلى الله تعالى وإن اعتقدوه بصفة الأجسام، فاعتقاد المتوضئ لكونه مغصوبا لا أثر له في تغيير حقيقته ولا في كونه قربة.

الفرع الثاني: من توضأ بماء وعنده أنه مباح فكان مغصوبا فهل يجزيه وضوؤه أم لا؟ فيه مذهبان:

أحدهما: أنه يكون مجزيا له، وهذا هو الذي ذكره الإمامان المؤيد بالله والمنصور بالله.

والحجة لهما على ما قالاه: هو أنه توضأ بماء حلال عنده، وانكشاف العاقبة بعد ذلك بكونه مغصوبا لا يطرق خللا فيما فعل من التوضؤ بماء هو عنده حلال، وعليه غرامة مثله؛ لكونه مستهلكا مال الغير، وعلى اليد ما أخذت حتى ترد.

وثانيهما: أنه غير مجز له، وهذا هو الذي ذكره الإمامان الحقيني والجرجاني رحمهما الله تعالى.

والحجة على ذلك: هو أن الاعتبار بالحقائق ولا أثر للاعتقادات في قلب الحقائق عما هي عليه. فلما كان الماء مغصوبا في الحقيقة، كان وضوؤه واقعا على خلل وفساد فلهذا بطل إجزاؤه كما لو تحقق كونه مغصوبا.

والمختار: ما عول عليه الحقيني والجرجاني.

والحجة على ذلك: ما ذكرناه في المسألة الأولى ونزيد هاهنا: وهو أن الأدلة الدالة على بطلان التوضؤ بالماء المغصوب التي أسلفناها على الفقهاء، فهي بعينها دالة على بطلان الوضوء في هذه المسألة، ولا ينفع اعتقاد كونه مباحا؛ لأنه اعتقاد جهل والجهالات لا أثر لها ولا حقيقة، فمن اعتقد في رجل أجنبي أنه أبوه ثم عظمه على حد تعظيم أبيه، لم يكن معظما لأبيه لاعتقاده كونه أبا له، ولا يصير أبا له بالاعتقاد، فهكذا هاهنا لا يصير حلالا باعتقاده إذا كان حراما في ذاته.

مخ ۲۷۴