265

انتصار

الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197

ژانرونه

فقه

الحجة الثالثة: أنا نقول لهم: أليس قد تقرر كون الوضوء مرادا لله تعالى؟ فلابد من قول بلى، وقد تقرر كون الغصب مكروها لله تعالى من جهة كونه منهيا عنه، والنهي لا يكون نهيا إلا بالكراهة. فإذا تقرر ذلك فكيف يقال بجواز التوضؤ بالماء المغصوب؟ وفي ذلك كونه مرادا مكروها بالتقرير الذي لخصناه وهو محال.

لا يقال: كيف يقال بأن الوضوء بالماء المغصوب مكروه وهو من جملة الواقعات؟ والله تعالى مريد لكل واقع طاعة كان أو معصية، فإذا لا معنى لكونه مكروها مع كونه مما يقع في العالم، وإذا بطل كونه مكروها ثبت كونه مرادا، سواء كان طاعة أو معصية فلا وجه للإلزام بكونه مكروها كما قلتم؛ لأنا نقول: هذا فاسد، فإنا إنما قررنا هذا الإلزام على الدليل وقد قام البرهان العقلي على أن المعاصي غير مرادة لله تعالى سواء كانت واقعة أو غير واقعة، فإن سلموا ذلك فالإلزام متوجه على لزوم كون الوضوء مرادا مكروها، وإن دفعوه نقلنا معهم الكلام إلى تلك المسألة فإنها متعلقة بالمباحث العقلية الكلامية، وقد قررناها في الكتب العقلية، فحصل من مجموع ما ذكرناه هاهنا أن هذه الإلزامات متوجهة على قول من زعم أن الوضوء بالماء المغصوب جائز.

الانتصار على من خالفنا في هذه المسألة بتزييف(¬1) أدلتهم فيها.

قالوا: الظواهر الشرعية دالة على صحة الوضوء بالماء المغصوب.

قلنا: هذا فاسد من وجهين:

أما أولا: فإنا لا نسلم اندراجه تحت العموم؛ لأن العمومات القرآنية والأخبار النبوية، إنما تناولت اسم الطهور وهو متناول ما كان طاهرا في نفسه مطهرا لغيره، والماء المغصوب ليس هكذا، فلهذا لم يكن مندرجا تحتها.

وأما ثانيا: فهب أنا سلمنا اندارجه تحت العموم، لكنه خرج بأدلتنا المخصصة من ظاهر العموم فيعمل بأدلتنا المخصصة فيما كانت متناولة له بظاهرها، وهو خروج الماء المغصوب عن صلاحية كونه وضوءا، ثم يعمل بالأدلة العامة فيما وراء ذلك، فيكون فيما ذكرناه عمل بالعموم والخصوص جميعا، وما ذكرتموه إخراج لأدلة الخصوص عن كونها دالة، وهذه طريقة مرضية بين علماء الأصول، أعني الجمع بين الأدلة، لا يختلفون فيها فمن قال منهم بأن في اللغة لفظة موضوعة للعموم.

قالوا: ماء مطلق فجاز التطهر به كالماء الحلال.

مخ ۲۷۰