219

انتصار

الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197

ژانرونه

فقه

والحجة على ذلك: ما رواه عمر رضي الله عنه عن النبي ، أنه قال: (( إذا كان الماء قلتين بقلال هجر(¬1) لم يحمل خبثا)). وفي حديث آخر: (( إذا بلغ الماء قلتين لم ينجسه شيء))(¬2). ومعنى قوله: لم يحمل خبثا: أي أنه لا يقبله ولا يلتزمه بدليل الحديث الآخر.

المذهب الثاني: أن حد الكثير من الماء هو الذي جرت العادة في مثله، أنه لا يستوعب شربا وتطهرا، كالأنهار الجارية والبيار النابعة والبرك العظيمة، وحد القليل ما كان دونه وهو الذي يستوعب في مجرى العادة شربا وتطهرا، كالحفائر الضيقة والأنهار النزرة والعيون الراكدة، وهذا حكاه السيد الإمام أبوطالب والشيخ أبو جعفر (¬3) من أصحابنا لمذهبهم كالقاسمية، ولم أعرفه قولا لأحد من الفقهاء.

والحجة على ذلك: هو أن ما هذا حاله من الأمواء إذا كان لا يستغرق في مطرد العادة في الشرب والتطهر فإنه يوصف بكونه كثيرا، وإذا كان على خلاف ذلك فإنه يوصف بكونه قليلا، وإنما جعلنا المعيار الضابط في القلة والكثرة بما ذكرناه من اطراد العادة؛ لأن أكثر ما يحتاج الناس الماء في أغلب أحوالهم في الشرب والتطهر، لأنهما هما اللازمان في أكثر الحالات وأغلبها، وما عداهما فليس أمرا غالبا بل هو أمر نادر بالإضافة إليهما، فلهذا وجب ضبطه به.

المذهب الثالث: أن حد الكثير ما كان يغلب على الظن أن النجاسة غير مستعملة باستعماله. والقليل ما كان يغلب على الظن أن النجاسة مستعملة باستعماله، وهذا هو الذي حكاه الكرخي عن أبي حنيفة، واختاره الأخوان الإمامان المؤيد بالله وأبوطالب للمذهب(¬4).

مخ ۲۲۴