انتصار
الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197
ژانرونه
الرواية الثالثة: أنه يجوز التوضؤ به إذا طبخ وانتبذ عند عدم الماء في السفر، والحجة على ذلك حديث ابن مسعود ليلة الجن، فإنه قال: كان مع الرسول في تلك الليلة، فلما أراد الصلاة لفرض الفجر، فقال له: (( أمعك وضوء))؟ فقال: لا. معي إداوة(¬1) فيها نبيذ. فقال: (( تمرة طيبة وماء طهور))، فتوضأ به.
والمختار: ما عول عليه أصحابنا والشافعي، لما ذكرناه عنهم من الأدلة الشرعية، ولأن الكتاب والسنة ظاهرهما دال على عدم النقل من الماء إلى غير التراب، فلو كان التطهر بالنبيذ جائزا إذا لذكره؛ لأنه في موضع تعليم الشرع وهو وقت الحاجة فلا يجوز تأخيره عن الذكر، والإعراض عنه.
الانتصار: يكون بإبطال ما أوردوه، أما ما ذكره من الاحتجاج بحديث ابن مسعود، فعنه أجوبة ثلاثة:
أما أولا: فلأن هذا الحديث، رواه أبو زيد(¬2)، عن ابن مسعود وهو مجهول عند رواة الحديث، فلا يكون مقبولا.
وأما ثانيا: فلأن الرسول قال: (( تمرة طيبة وماء طهور))(¬3). فأطلق اسم الماء عليه، فلو [كان] نبيذا لم يطلق عليه اسم الماء.
وأما ثالثا: فلأنه قال: (( تمرة طيبة)). فلو كان التمر قد صار نبيذا لم يطلق عليه [اسم] التمر بعد تغيره، فأما قول ابن مسعود جوابا له، حيث قال له: ما في إداوتك؟ فقال: نبيذ تمر، فلا حجة فيه؛ لأنه كلام لصحابي، وقد قررنا أنه لا حجة في قول الصحابي فأغنى عن تكريره.
مخ ۱۹۰