1- إن المقصود بتعبير العزلة، هو عزلة هذا التراث اليمني عن القارئ في داخل الجمهورية اليمنية وخارجها في الأقطار العربية خصوصا، ثم الإسلامية عموما، هذا جانب من العزلة.. وجانب ثان، وهو عزلة كتب التراث عن حياة الناس الفقهية والثقافية عموما. ولا نقصد بذلك فرضها على فئة أو مؤسسة أو منهج دراسي، وإنما المقصود بهذا هو عزلتها عن الناس والأماكن، في حدود الحاجة والفائدة القائمتين على الطلب والرغبة. وجانب ثالث، وهو أن المخطوطة هي في حد ذاتها ووضعها وطبيعتها، عزلة للكتاب. وتزايد الإقبال على كتب التراث بين أوساط الناس بمختلف فئاتهم وثقافاتهم، المخطوطة منها (عن طريق التصوير كما سبق) والمطبوعة.. يؤكد بما لا مجال فيه للشك، أنه لو أصبحت المخطوطة من كتب التراث مطبوعة منشورة، لشملها هذا الإقبال. ولم يعد الآن مستغربا أن يسمع الواحد منها بين وقت وآخر أصحاب دور نشر في سوريا ولبنان بالذات، يسألونه عن مدى معرفته بشيء من التراث اليمني يمكن أن يتولوا طبعه ونشره ابتداء أو إعادة. وهم لا يعنون كتبا بعينها ولكن أي كتب. وهذا السؤال نسمعه أكثر أثناء معارض الكتاب الدورية التي تقيمها جامعة صنعاء. وفيه دلالة كافية على رواج كتب التراث؛ إذ أن كثيرا من أصحاب هذه الدور أصحاب هدف محدد ومعروف سلفا، وهو المردود المالي من هذا العمل. وبرغم ذلك فإنهم أصحاب هدف مشروع وعمل يستحق التشجيع والتسهيل والمساعدة لإنجازه.
المناظرة بين المشرق والمغرب:
ومثال آخر من الواقع.. وهو أن الحوار الذي عقده أستاذان من أبرز الباحثين العرب(¬1) وأدارته بينهما إحدى المجلات العربية(¬2) تحت عنوان عام، هو (المناظرة بين المشرق والمغرب) في حلقات خلال العام 1989م، وهذا الحوار شغل مساحة واسعة من القراء في الوطن العربي وخارجه، وظلت المطالبة باستمراره والتعليق على جوانب منه، تزداد وتتسع. كما كان من نتائجه انصراف أعداد غير قليلة من مختلف فئات الناس، إلى البحث عن كتب التراث والسؤال عن عناوين منها متعددة . وذلك ما لم يكن متوقعا بهذه الكثرة على الأقل. ودلالة المثال في أن الحوار كان في مجال القضايا الفكرية التراثية، ثم ما استتبع ذلك من استخدام المدارس والمذاهب والإعلام في إطار الفكر الإسلامي، مادة للحوار. وإضافة إلى هذا، فإن شطر هذا الحوار - كما قرأت أخيرا قد صدر في كتاب.
مخ ۲۰