انتصار
الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197
ژانرونه
فحصل من مجموع ما ذكرناه صحة تقدمهم في هذه الخصال العالية في الدين والورع والتقوى، ومناقب العترة أكثر من أن تحصى، وقد أفرد فيها العلماء كتبا على حيالها ولكنا سمحنا من ذلك بمقدار ما يليق بترجيح تقليدهم على تقليد غيرهم من علماء الأمة في الأمور العملية، وكيف لا يكون تقليدهم راجحا على تقليد غيرهم من علماء الأمة؟ وقد قال : (( تعلموا من قريش ولا تعلموها))(¬3) وفي حديث آخر: (( ولا تعالموها)) وأراد: ولا تغالبوهم في علومهم، وقال عليه السلام: (( عالم قريش يملأ الأرض علما))(¬4)، وقال : (( الناس في هذا الشأن تبع لقريش، فمسلمهم تبع لمسلمهم، وكافرهم تبع لكافرهم))(¬5). فلا جرم كان اتباعهم أحق من اتباع غيرهم لما قررناه من الأدلة على فضلهم، وهم السر والخلاصة واللباب من قريش، ولم نرد بما ذكرنا من حال فقهاء الأمة وعلمائها في الاعتقادات الدينية وانحراف أنظارهم في المسائل المجتهدة حطا لما رفع الله من منارهم، ولا وضعا لما أشاد الله من رفع أقدامهم(¬1)، ولكن غرضنا الكشف عما اختص به علماء العترة من إصابة الحق والهداية لوجه الإصابة في معتقداتهم ومجاري أنظارهم، مع علمي بأنهم الغواصون على علوم الشريعة والخائضون في بحور أسرارها.
ولا يقال: فمن الآل والأهل من الذرية والعترة؟ وهل من تفرقة بين هذه الألفاظ من جهة اللغة أو من جهة الشرع؟
لأنا نقول: أما الآل والأهل فهما سواء في صحة إطلاقهما على الزوجات والعيال، والهاء مبدلة من ألف الآل، خلا أن الآل قد تطلق على الأتباع، قال الله تعالى: {أدخلوا آل فرعون أشد العذاب}[غافر:46]. وأهل البيت وآل النبي سواء لما ذكرناه، وهما عبارتان عن هذه البطون الأربعة: آل علي، وآل جعفر، وآل عقيل، وآل العباس، لما روي عن النبي أنه لما قيل له: من أهل بيتك يا رسول الله؟ قال: (( آل علي، وآل جعفر، وآل عقيل، وآل العباس))(¬2).
وأما العترة والذرية فهما سواء، وهما عبارتان عن أولاد الرجل، خلا أن العترة قد تطلق ويراد بها رهط الرجل الأدنون منه، وعترة الرسول وذريته هم أولاد فاطمة، الحسن والحسين وأولادهما،لما روى جابر (¬3) عن النبي أنه قال: (( إن الله عزوجل جعل ذرية كل نبي من صلبه، وذريتي من صلبك يا علي))(¬4). فإذا كانت العترة والذرية هم الأولاد كما قررناه، فلا يعلم ولد للرسول إلا من فاطمة، فلهذا كانوا هم العترة والذرية لا محالة، فأما لفظ العشيرة فإطلاقه على القبيلة الأقرب والأبعد، لقوله تعالى: {وأنذر عشيرتك الأقربين}[الشعراء:214] فخص الأقربين لما لهم من الحق بالعلاقة بالنسب مع صحة إطلاقه على الأبعد.
مخ ۱۸۲