لم يفهم العجوز سوندرز الموقف بالكامل، لكنه تعاطف مع ابنه تماما، وشعر بكراهية غريزية لخصمه الواثق الذي كان يسقط الكرات في الفتحات بدقة شديدة كان من الواضح أنها أرعبت نصف المشاهدين على الأقل.
وفجأة علا تصفيق المتابعين، ونصب اللاعب قامته ضاحكا.
قال المصرفي: «يا إلهي! لقد أخطأ. لم يضرب الكرة بقوة كافية. ربما بسبب شعوره باللوم الموجه إليه. لن أستغرب إن انعكس الحظ. يبدو أنك قد تجلب الحظ لابنك يا سيد سوندرز.»
نقل العجوز إلى كرسي مرتفع في مؤخرة الغرفة. وعلا صخب الحديث بين المتابعين في حين وقف الشاب سوندرز يكسو طرف عصاه بالطبشور وبدا عليه التردد في اللعب.
اختلط هاموند بالجمهور، وأخذ يتحدث إلى بعضهم بحماس. في حين سأل العجوز سوندرز الرجل المجاور له: «ما كل هذا؟ أهي مباراة مهمة؟»
أجابه الرجل: «مهمة؟! بالطبع. أعتقد أن المراهنات عليها تفوق كل المراهنات على أي مباراة بلياردو جرت في السابق. جول هاموند وحده راهن على سوندرز بعشرة آلاف.»
تنهد العجوز في ارتياح. وبدأ يفهم الأمر. ليست العشرة آلاف أموالا اختلسها ابنه إذن.
واصل الرجل: «إنها مباراة مهمة على الكأس. لقد أقيم عدد من المباريات، وهذه هي المباراة الحاسمة. فاز بروجنور بمباراة وسوندرز بمباراة، وهذه هي المباراة الفاصلة. ينتمي بروجنور إلى نادي هاي فلايرز. وهو لاعب بارع. أما سوندرز فقد فاز بالكأس لهذا النادي العام الماضي؛ لذا فلن يمكنهم التذمر كثيرا إذا خسروا الآن. لم يجدوا أحدا قط في براعة سوندرز منذ تأسيس النادي. وأشك أن في هذا البلد كله هاويا يضاهيه براعة. إنه رجل يستحق الفخر به، على الرغم من أنه يبدو أنه سيتلقى هزيمة ساحقة الليلة. سينكلون به جميعا في الغد إذا خسروا أموالهم، على الرغم من أنه لم يغير شيئا في أسلوبه. أعتقد أن كثرة المراهنات أقلقته وأثرت بالسلب على براعته في اللعب.»
وفجأة تهامس المتابعون في الغرفة: «صه! صه!» ثم هم الشاب سوندرز باللعب. ووقف بروجنور وهو يبتسم في تعال. كان واثقا من تفوقه عندما يحين دوره ثانية.
لعب سوندرز بحرص بالغ، ولم يخاطر، وانهمك أبوه في متابعته حابسا أنفاسه في اهتمام. لم يكن يعرف عن اللعبة شيئا لكنه سرعان ما فهم كيف تحرز النقاط. أما الشاب فلم يرفع عينيه من على الكرات والغطاء الأخضر للطاولة. ظل يأخذ مواضع مختلفة حول الطاولة بتأن لم يبالغ فيه. وكانت كل الأعين معلقة بلعبه، ولم تصدر في الغرفة الكبيرة كلها نأمة سوى قرقعة الكرات من وقت لآخر. وتابع الأب براعة اللاعب في التحكم في الكرات العاجية التي بدت له ضربا من السحر. فقد تدحرجت الكرات ذهابا وارتدت وتصادمت على نحو بدا معه أن الرجل يفرض إرادته على الكرات لتذهب في هذا الاتجاه أو ذاك. كانت اللمسات بارعة والدقة في استخدام القوة متناهية، فضلا عن حسن تقدير الزوايا، والنظرة الثاقبة والتحكم في العضلات، فانبهر العجوز باجتماع كل هذه المهارات الفريدة في شخص واحد هو ابنه.
ناپیژندل شوی مخ