44

قالت الفتاة: «لا، سأحرص أنا على ذلك.» ثم أضافت: «سأتولى الأمور المالية، وألزمه بكسب ما ينفق.»

قال لها: «لكن إذا تزوجته، فلن أمنحك أي أموال.»

ردت: «لا، بل ستفعل، يا أبي، أنت ليس لديك أي شخص آخر تترك له أموالك. كما أنك لست عجوزا، وستبارك زواجنا قبل أن يأتي وقت توريث الأموال بكثير.»

رد صاحب الفندق العجوز، وقد هدأت نبرة صوته كثيرا؛ لأنه كان بالفعل عجوزا وسمينا وفي وجهه بعض الحمرة: «لا تكوني واثقة من ذلك هكذا.»

شعر بأن لا قبل له بمواجهة ابنته، وأنها ستنفذ إرادتها في نهاية المطاف، لكنه تذمر عندما فكر في ملكية بيترو لفندقه الرائج يوما ما. أكدت تينا على أنها ستطبق مبادئ أجدادها بحذافيرها في إدارة الفندق، وأنها ستترك بيترو يتجول حول المكان كزينة جميلة تجذب الزوار المرهفي الإحساس الذين يبدو أنهم يرون في البحيرة ومحيطها جمالا غير مفهوم.

وفي تلك الأثناء أقدم مالك الفندق لينز فجأة على طرد بيترو، وندم على اليوم الذي تعرف فيه على بيترو وعلى ساعة توظيفه له. وقال للشاب الوسيم إنه إذا وجده يحدث ابنته يوما فسيرتب للقبض عليه بتهمة سرقة بعض المقتنيات الصغيرة من المسافرين، على الرغم من أنه كان قد غض الطرف عن هذه السرقات عند اكتشافها، ربما لشعوره ببعض التعاطف معه في ذلك الحين، ولأنه رأى في سائق العربة أمارات قد تجعل منه مالك فندق ناجحا يوما ما. وما جعل الأمر أكثر سوءا أن بيترو أقسم إنه سيغمد في البطن المتدلي لمالك الفندق سكينا طوله ست بوصات حالما تسنح الفرصة، على أمل أن يصل السكين إلى مكان حساس. شحبت حمرة وجه لينز العجوز عندما سمع هذا التهديد، فالسويسريون محبون للسلام، وأخبر ابنته في حزن بأنها ستدفع بشعره الشائب إلى القبر بخنجر حبيبها. فقالت مازحة إن هذا الأمر يصعب تحقيقه؛ فقد كان رأس أبيها أصلع كقمة جبل أورتلر المستديرة الناعمة، ومع ذلك تحدثت مع حبيبها في الأمر، وقالت له على نحو واضح إنه إن كان سيستخدم السكين بأي نحو في الجوار، فلن تلتقي به مرة أخرى أبدا. فلم يسع الشاب ذا الشعر الأسود المجعد والوجه الملائكي إلا أن يكتم امتعاضه ممن يرجو مصاهرته، وأن يتعهد بحسن التصرف. وتمكن من العمل سائقا في فندق آخر؛ فقد كان العمل رائجا ذلك الموسم، والتقى بتينا كلما أمكنه، في نهاية الحديقة المطلة على البحيرة الهادئة، من وراء حائط حجري.

لم يتدخل مالك الفندق لينز عندما كان يعرف بأمر أي من هذه اللقاءات، ربما منعه خوفه من خنجر بيترو، أو من لسان ابنته، ومع ذلك وقفت الأقدار في صف العجوز. كانت تينا بطبيعتها متقلبة المزاج، وبعد أن خبت معارضة أبيها لعلاقتها ببيترو تماما، بدأ اهتمامها بالشاب يخبو كذلك. لم يجد الحديث في أي موضوع سوى الجياد، ورغم ما في هذا الموضوع من إثارة، فهو مضجر بالنسبة لفتاة في الثامنة عشرة تميل على حائط حجري في نور الأمسيات الذهبي الذي يعم سماء كومو. إن في الحياة موضوعات أخرى، لكنه لم يهتم بها، لم يدرك وجودها حتى، ومن سوء حظه أن فردا آخر من جحافل المتعطلين عن العمل ظهر في المشهد، وكان يهتم بتلك الموضوعات الأخرى.

جاء في الوقت المناسب تماما، ورغم فخر العجوز لينز بفندقه وبوضعه، لم يكن ما استوقف ذلك الشاب المنظر الطبيعي الذي لا مثيل له الذي ذكر في دعاية الفندق. لقد استوقفه منظر الفتاة الساحرة الجمال وهي تميل على الحائط الحجري في نهاية الحديقة وتحدق في البحيرة وتسلي نفسها بالغناء الرقيق.

قال الشاب ستانديش: «يا إلهي! إنها تبدو كأنها تنتظر حبيبها.» وهو بالضبط ما كانت تينا تفعله، ومن سوء حظ الحبيب الغائب أن تأخيره كان في صالح غريمه.

تمتم ستانديش: «الحبيب الغائب عنصر مفقود في المشهد ينبغي تعويضه.» ووضع عنه حقيبة الظهر التي كان يحملها كحقيبة المناضل الراحل جون براون. ثم دخل الفندق وسأل عن أسعار الإقامة. وما إن رأى العجوز لينز البنطال القصير الذي كان الشاب يرتديه حتى قرر أن يطلب ضعف السعر الذي يطلبه من أهل المنطقة. غير أن الافتقار إلى الحصافة في الأمور المالية الذي ميز أهل الجزيرة التي كان ستانديش ينتمي إليها جعله يوافق على شروط العجوز، فتمنى العجوز لو كان قد طلب منه ثلاثة أضعاف السعر.

ناپیژندل شوی مخ