واصل رئيس الشرطة كلامه: «وأنا وبوين في برنتنجفيل. لا يوجد أي أحد آخر.»
قال الحاكم: «حسنا، لن يفصح بوين بشيء خوفا على نفسه، وأنت لن تقول شيئا.»
رد رئيس الشرطة: «بكل تأكيد.»
قال الحاكم: «إذن، فلنبق الأمر في طي الكتمان. سيظل السر مصونا ما لم يحاول الصحفيون نبشه. لم يوثق شيء في السجلات، وسأحرق أي مستند يؤدي إلى كشفه.»
وهكذا سار الأمر. وثبتت وجاهة الرأي العام مجددا. وأحرز الحاكم نصرا مؤزرا بإعادة انتخابه، واعتبره الناس رجل حزم وحسم.
انتقام بعد الموت
من المؤسف أن يموت رجل قبل أن يروي عطش انتقام كان يتملك روحه. مات ديفيد ألين وهو يصب لعناته على برنارد هيتون والمحامي جراي؛ وكان للمحامي الذي ربح القضية نصيب من كراهية ديفيد يفوق نصيب الرجل الذي سينتفع بربح القضية. لكن لو كان للعنات أن تصب، لكان الأحرى أن يصبها ديفيد على عناده هو وغبائه.
لنعد بالزمن عددا من السنوات، حتى نعرف ما جرى. خالف الابن الوحيد للإقطاعي هيتون عادات عائلته. واستشاط الإقطاعي غضبا لذلك، كما كان متوقعا. فقد كان سليلا لعائلة من الإقطاعيين كان من عاداتهم الإفراط في شرب الخمر، وركوب الخيل، وبذاءة اللسان، فجن جنونه عندما رأى ابنه الوحيد ينكب بمحض اختياره على قراءة الكتب وشرب الماء البارد، وتفتر همته عن المشاركة في أي رياضة رجولية تمارس في الريف، ويعزف عن معاقرة خمر معتق مخزن في القبو. قبل ذلك الوقت كانت هذه البلايا تقع على رجال يستحقونها، وكانوا يحاولون التعامل معها قدر استطاعتهم. لكن الإقطاعي هيتون لم يحسن التعامل مع بليته، وعندما ابتعث ابنه في رحلة استكشاف علمي حكومية حول العالم، أفرط الإقطاعي في الشرب أكثر من ذي قبل، وازداد لسانه بذاءة، وامتنع عن ذكر اسم ابنه.
وبعد عامين عاد ابنه الشاب، لكن الأبواب كانت موصدة أمامه. ولم تكن له أم لتدافع عنه، ولم يكن وجودها ليحدث فارقا يذكر على الأرجح؛ إذ لم يكن الإقطاعي رجلا تجدي مناقشته نفعا أو يمكن إثناؤه قيد أنملة عن رأي حزمه. لقد رسم لحياته مسارا ثابتا ولم يحد عنه، متخذا من خمره رفيقا. سافر الشاب إلى الهند، وهناك تعرض لحادث غرق. لكنه نجا وعاد في نهاية المطاف إلى إنجلترا، على عادة الكثيرين ممن يتعرضون لحوادث مشابهة في العودة لتكدير صفو الأبرياء الذين يحلون محلهم. ولم يزل الخلاف محتدما حول ما إذا كان الاختفاء المفاجئ لرجل يعد مصدرا أكبر للإزعاج أو ظهوره من جديد بعد مضي السنين.
إن كان الحزن قد عرف طريقه إلى قلب الإقطاعي العجوز على الوفاة المفترضة لابنه الوحيد، فهو لم يبده. وقد تضاعف كرهه الذي كان يضمره لابنه ذي الطباع الغريبة، وانتقل لابن أخته ديفيد ألين، الذي أصبح الآن الوريث الشرعي لممتلكاته وما تدره من دخل. كان ألين الابن المعوز لأخت الإقطاعي التي تزوجت زيجة غير موفقة. ومن غير المعقول أن يتضور جوعا من هو وريث لتركة كبيرة، لكن هذا ما كانت عليه حال ديفيد، وهذا ما حز في نفسه. ولم يقبل المقرضون اليهود إقراضه بضمان التركة التي كان من المتوقع أن يرثها، تحسبا لوصول الابن، فلم يسع ديفيد ألين إلا انتظار وفاة الرجل، وهو يرزح في الفقر ويشعر بالمرارة.
ناپیژندل شوی مخ