والجواب عن قولهم: (هذه قراءة وصلاة فلا تصح النيابة فيها، فوجب أن يكون ثوابها لفاعلها كصلاة الفرض وصوم الفرض) هو أنا نقول: لا تأثير لذلك عندكم، لأن ما صحت النيابة فيه لا تقولون بصحة ثواب إهدائه أيضا. وأما الفرض فعلى الصحيح من المحكي عن المذهب: لا يمتنع أن يصح إهداؤه، لأن أكثر ما فيه تعري الفرض عن ثواب، وذلك غير ممتنع على إحدى الروايتين عندنا في الصلاة في الدار المغصوبة والثوب المغصوب: يقع الفرض ولا ثواب فيه.
وأما قولهم: (التكليف امتحان وابتلاء واستصلاح للمكلفين، فلا تدخله النيابة، ولا يقبل بدلا لم يصفه الشرع بدلا، فيكون كالمريض الذي يعالج بدوائه غيره، فلا يقع ذلك موقع الإصلاح له) فالجواب عنه: أن هذا خلاف وضع الشرع، وذلك أن المسيء لا تزال إساءته في اطراد العرف ومقتضى العقل إلا بتوبة من ذنبه، ولا يمحو جريمته إلا اعتذاره بنفسه، ثم إذا أراد أن يعتذر لم يجز إذا جعل اعتذاره عن جنايات غيره، [و] كان اعتذاره قبيحا، وصار الجاني متأبيا، ولم يقع موقع اعتذار المسيء. وكذلك لو كان ساخطا سخط فعل عبد من عبيده لتأخر خدمته عن محلها ووقتها، فجاء بعض العبيد وبذل فعل تلك الخدمة التي امتنع من فعلها المتخلف لم تقع موقعها عن المتخلف.
مخ ۸۵