ونحن نجيب عن ذلك فنقول: الحي لا حاجة له في أن تهدى له هذه التطوعات، لأن عمله ما انقطع ولا حيل بينه وبينه، فكان المهدي والمهدى له سواء في أن كل واحد متطوع لنفسه، بخلاف حالة الموت فإنها حالة ارتهان باكتساب وفاقة إلى الأجر والثواب، فجاز أن يجعل ما يهديه إليه ولده وصديقه موصولا به ونافعا له لموضع انقطاع عمله كما نظر له الشرع فجعل له ثلث ماله عند وفاته، وكما جعل أبو حنيفة -رحمه الله- إحرام الرفقة عن رفيقهم المغمى عليه نائبا عن إحرامه بنفسه عن فرضه ونفله، وكما جعل إسلام الأب إسلاما للطفل، وكما جعل فعل البعض مسقطا عن جملة أهل البلد في فرض الكفايات، فوقع فعل البعض مجزئا وكافيا عن الباقين بعد أن كان معرضا أن يأثم الجميع بالترك لذلك الفرض، فجاز أن يجعل بعد الموت فعل بعضهم مثيبا للبعض عند وقت الحاجة إلى الثواب.
مخ ۷۲