Insights into Islamic Culture
لمحات في الثقافة الإسلامية
خپرندوی
مؤسسة الرسالة
د ایډیشن شمېره
الخامسة عشرة ١٤٢٥ هـ
د چاپ کال
٢٠٠٤ م
ژانرونه
كانت الكعبة التي بناها إبراهيم ﵇ أقدم القبلتين، وأول بيت وضع للناس، فقد كان رسول الله ﷺ يرجو أن يوجهه ربه إلى قبلة أبيه إبراهيم، وكان يردد نظره جهة السماء حينًا بعد حين، تطلعًا للوحي بتحويل القبلة إلى الكعبة، وبخاصة بعد ما كثر لجاج اليهود وحجاجهم؛ إذ كانوا يقولون: يخالفنا في ديننا ويتبع قبلتنا!.. ولولا ديننا لم يدرِ أين يستقبل القبلة؟!..
ولقد استجاب الله ﵎ رجاءه، ووجهه إلى ما يرضيه، وجعله يلي الجهة التي يحبها ويتشوف لها، وأمره أن يولي وجهه شطر المسجد الحرام، وجعل ذلك قبلة له ولأمته في أي وقت، وفي أي مكان، قبلة تجمع هذه الأمة وتوحد بينها على اختلاف مواطنها.. وتعدد أجناسها وألسنتها وألوانها.. فعلى المؤمنين في أي مكان كانوا أن يستقبلوا جهة المسجد الحرام بوجوههم في الصلاة.. وهذا يقتضي أن يصلوا في بقاع الأرض المختلفة إلى سائر الجهات.. وبذلك يتميزون عن النصارى الذين يلتزمون جهة المشرق، واليهود الذين يلتزمون جهة الغرب.
وقد أكد سبحانه الأمر باستقبال المسجد الحرام، ووجَّهه إلى المؤمنين بعد أن أمر به نبيه ﷺ وشرفهم بالخطاب بعد خطاب رسوله، لتشتدَّ عزيمتهم وتطمئن قلوبهم، ويواجهوا ما أثاره أعداؤهم من اليهود والمنافقين -من الفتنة بشأن التحويل- بروح الثبات على الحق وصدق الاتباع.. ذلك أن هؤلاء الذين أوتوا الكتاب يعلمون حق العلم أن المسجد الحرام هو بيت الله الأول. الذي رفع قواعده إبراهيم ﵇، وأن التولِّي شطره هو الحق المنزَّل من عند الله لا مرية فيه.. ولكنهم -مع هذا- يأبون إلا أن يثيروا الفتنة، ويخدعون المؤمنين، ويقوموا بحملة التشكيك والتشويه.. ولقد افتضح أمرهم وانكشف تآمرهم.. فالله ﵎ غير غافل عما يعملون، وسوف يجازيهم
1 / 141