لم تكن رؤى بروتاجوراس النسبوية ذات أهمية تاريخية وحسب؛ فهذا الشكل من النسبوية شائع اليوم. وقد كتب ذات مرة الأستاذ الأكاديمي الأمريكي آلن بلوم قائلا:
ثمة أمر يمكن لأي أستاذ جامعي أن يتأكد منه تمام التأكد: تقريبا كل طالب يلتحق بالجامعة يعتقد، أو يقول إنه يعتقد، أن الحقيقة نسبية.
وفي الواقع، يعتقد على نطاق واسع أن النسبوية شيء يشبه المرض الذي يصيب المجتمع المعاصر ويقوض منظومته الأخلاقية؛ فعلى سبيل المثال، عندما اكتشف أن قوات الجيش الأمريكي قد عذبت مدنيين عراقيين في أبو غريب، قال ريتشارد لام، حاكم كولورادو:
هذا يعكس انهيارا في المجتمع. لقد تعطلت البوصلة الأخلاقية لهؤلاء الأشخاص لسبب ما، وظني أن ذلك بسبب أن النسبوية أصابتهم.
وقد عبر بابا الفاتيكان الحالي عن مخاوف مشابهة قائلا:
إننا نمضي نحو ديكتاتورية النسبوية التي لا تعتبر أي أمر أكيدا، والتي تهدف في المقام الأول إلى إرضاء غرور الذات ورغباتها.
كان لهذا القلق المعاصر بشأن النسبوية تأثير على السياسة التعليمية؛ فعلى سبيل المثال، قال نيك تيت، الرئيس التنفيذي لهيئة المؤهلات والمناهج بالمملكة المتحدة (فيما يتعلق بإدراج حصص المواطنة بالمنهج الوطني):
إذا كان هناك عدو يستحق الهزيمة، فإنه النسبوية.
وثمة خلاف على نطاق انتشار النسبوية الفعلي، إلا أنه من الجدير بالذكر أن النسبوية ليست ظاهرة حديثة، وأنها كانت محل أخذ ورد حتى في العصور القديمة.
وكثيرا ما يتم تصوير الإنسانويين المعاصرين على نحو مبالغ فيه على يد معارضيهم على أنهم مؤيدون للنسبوية، ولا سيما النسبوية «الأخلاقية»؛ وهي الرؤية القائلة بأن الحقيقة بشأن الصحيح أو الخاطئ أخلاقيا هي ما يعتقده الفرد أو المجتمع. إلا أن الإنسانويين - كما سأشرح في الفصل الرابع - معارضون للنسبوية عامة، وللنسبوية الأخلاقية خاصة.
ناپیژندل شوی مخ