الخطر الحقيقي في مناهج التعليم الأخلاقي التقليدية القائمة على الخضوع للسلطة هو أنها تشجع على أخلاق الخراف؛ أي مواطنين مجهلين قد يصلون للشيء الصحيح ويفعلونه، لكن لا لسبب إلا أن هذا هو ما تقوله لهم السلطة. فإذا ما تولت المقاليد سلطة أقل اعتدالا، فسيفتقد هؤلاء المواطنون المجهلون خطوط الدفاع الفكرية والانفعالية التي سيحتاجونها لمقاومة ذلك.
إن كنا نريد تنشئة مواطنين يقاومون الانزلاق إلى النوائب الأخلاقية التي لطخت القرن العشرين، ينبغي أن ينصب محور تركيزنا على التعليم الأخلاقي، ولكن ليس من النوع التقليدي الخاضع للسلطة. وينبغي أن نركز على تنشئة مفكرين ناقدين مستقلين.
الفصل السابع
معنى الحياة
يرى البعض أن الأسئلة المطروحة عن معنى الحياة هي أسئلة مرتبطة بشدة بالأسئلة المتعلقة بالإله والدين؛ فيعتقدون أنه من دون الإله، لا تعدو الإنسانية سوى بقعة قذرة على كرة من الحجارة ضائعة في كون شاسع جدا لن يحمل في النهاية أي أثر لوجودنا في يوم من الأيام، وسينهار في طيات العدم. إذن، لم نزعج أنفسنا بالاستيقاظ في الصباح؟ لكن إن كان الإله موجودا، فنحن نسكن كوكبا مخلوقا «لنا»، خلقه الإله الذي «يحبنا»، والذي جعل لنا «غاية مقدسة»؛ فهذا يعطي حياتنا معنى.
لكن هل الإله، أو المعتقد الديني، شرط أساسي كي نعيش حياة ذات معنى؟ كيف - تحديدا - يجعل وجود الإله حياتنا ذات معنى؟ إن كان بلوغ حياة ذات معنى ممكنا سواء الإله موجود أو غير موجود، فما الذي يقيم وجودا ذا معنى؟ يتناول هذا الفصل هذه الأسئلة وأسئلة أخرى مرتبطة بها. (1) ما الذي نقصده ب «حياة ذات معنى»؟
إحدى الصعوبات التي نواجهها عند تفصيل كيف أن الإنسانوية - أو أي رؤية أخرى لتلك المسألة - يمكنها أن تتيح إمكانية وجود حياة ذات معنى؛ هي في تعيين ما يشكل حياة ذات معنى من الأساس. وأتصور أن ثمة إجماعا عاما على عدم وجود تصورات محددة لذلك.
شكل 7-1: كثيرا ما تزعم الأديان أنها تجعل حياتنا ذات معنى، لكن ألا يمكن أن يكون الدين أحيانا عائقا أمام عيشنا لحياة ذات معنى بحق؟
بادئ ذي بدء، إن عيش حياة ذات معنى يتضمن بالتأكيد أكثر من مجرد الشعور بسعادة غامرة وبرضا كبير مثلا؛ فالشخص الذي يحقن باستمرار بعقاقير باعثة على السعادة قد يحظى بوقت ممتع، إلا أن هذا ليس ضمانة لحياة ذات معنى أو جديرة بالعناء.
ثانيا، من المفترض وجود طرق لعيش حياة ذات معنى أكثر من مجرد القيام بالأعمال الصحيحة أخلاقيا؛ ففي حين أن عيش حياة مستقيمة جدا دون زلل «أحد» السبل التي ربما يتسنى للمرء بها أن يتمتع بحياة ذات معنى؛ لكنه ليس السبيل الوحيد. كثير من عظماء الفنانين والعلماء والمستكشفين والموسيقيين والكتاب والرياضيين عاشوا بالتأكيد حياة ذات معنى، رغم أنه لم يظهر عليهم أنهم أكثر فضيلة من بقيتنا (بل كان بعضهم غير ملتزم أخلاقيا في واقع الأمر).
ناپیژندل شوی مخ