إن القبول بالمدارس الدينية أمر، وافتراض أنه يجب على الدولة تمويلها أمر مختلف تماما. يعارض بشدة كل الإنسانويين تقريبا تمويل الدولة للمدارس الدينية؛ فأفكارهم العلمانية تؤدي بهم إلى افتراض عدم وجود تبرير لمنح الدولة المعتقدات الدينية مثل هذه الوضعية المميزة المكفولة من الدولة. ويجد كثيرون أنه من المثير للحنق على نحو خاص أن تستخدم أموال دافعي الضرائب الإنسانويين البريطانيين في تمويل المدارس الدينية التي لن تسمح لأطفال الإنسانويين بدخولها. (3) سبب آخر للحث على تبني نهج فلسفي
ثمة سبب آخر وراء أن التشجيع على ملكة الشك، بدلا من الإذعان للسلطة، قد يكون فكرة طيبة. أجرى جوناثان جلوفر، مدير مركز قانون الطب وأخلاقياته بجامعة كينجز كوليدج بلندن، أبحاثا حول خلفيات من اشتركوا في عمليات القتل في بقاع مثل ألمانيا النازية ورواندا والبوسنة؛ وكذلك خلفيات من عملوا في إنقاذ الأرواح. وبحسب حوار جلوفر في جريدة «ذا جارديان»:
إن تأملت في حال الذين كانوا يئوون اليهود إبان سيطرة النازيين، فستكتشف عددا من الأمور بشأنهم؛ أحدها أنهم عادة ما نشئوا على نحو مختلف عن الشخص العادي، فهم في الغالب قد نشئوا على نحو لا سلطوي، وتربوا على التعاطف مع الآخرين ومناقشة الأمور لا مجرد تنفيذ ما يقال لهم.
ويضيف جلوفر:
أعتقد أن تعليم الناس التفكير على نحو عقلاني وناقد يمكن حقا أن يحدث فارقا في قابلية المرء للتأثر بالأيديولوجيات الزائفة.
في كتابهما «الشخصية الإيثارية: منقذو اليهود في أوروبا النازية»، يورد صامويل وبيرل أولينر نتائج دراستهما الممتدة والمفصلة حول خلفيات من اشتركوا في القضاء على اليهود في ألمانيا النازية ومن أنقذوا الضحايا. واكتشفا أن أهم اختلاف بين آباء منقذي اليهود وآباء من لم ينقذوهم تمثل في مدى حرص الآباء على تفسير الأمور لأبنائهم، لا على عقابهم وتعنيفهم. فيما يلي بعض المقتطفات من الكتاب في هذا الإطار:
اعتمد آباء منقذي اليهود على نحو أقل كثيرا على العقاب البدني وعلى نحو أكبر كثيرا على التفكير المنطقي.
اختلف آباء منقذي اليهود عن آباء من لم ينقذوهم في اعتمادهم على التفكير المنطقي وتقديم التفسيرات واقتراح سبل لعلاج الضرر الواقع والإقناع والنصح.
وبحسب ما كتبه المؤلفان: «التفكير المنطقي يوصل رسالة قوامها أن احترام الأطفال والثقة بهم تتيح لهم الشعور بفاعلية الذات والدفء نحو الآخرين.» أما من لم ينقذوا اليهود، فعادة ما كانوا «مجرد بيادق، تعيش تحت سيطرة سلطات خارجية.»
من يفترضون أن الإيمان الديني هو أفضل خط دفاع متاح لنا ضد تلك الكوارث الأخلاقية يجب أن يلاحظوا النتيجة التي خرج بها المؤلفان، والمتمثلة في أن المعتقد الديني كان عاملا من العوامل؛ «كان للتدين تأثير ضعيف على إنقاذ اليهود.»
ناپیژندل شوی مخ