كتب الفيزيائي لورانس كراوس يقول:
إن تضليل [التصميم الذكي] يكمن في إشارة مؤيديه إلى جدل دائر في حين أنه لا يوجد أي جدل في الواقع. قام صديق لي بإعداد مسح غير رسمي عبر أكثر من عشرة ملايين مقال نشر في كبرى الدوريات العلمية خلال الاثني عشر عاما الماضية. والبحث عن التطور ككلمة دليلية كانت نتيجته 115 ألف مقال، معظمها عن التطور البيولوجي. والبحث عن التصميم الذكي خرج بثمانية وثمانين مقالا، كلها باستثناء أحد عشر مقالا منها كانت بدوريات هندسية؛ حيث لا أمل بالطبع أن تحتوي على نقاش حول التصميم الذكي! ومن بين الأحد عشر مقالا المتبقية، ثمانية كانت تنتقد الأساس العلمي لنظرية التصميم الذكي، والثلاثة المتبقية اتضح أنها مقالات بمنشورات مؤتمرات، وليس بدوريات بحثية. وهذا هو نطاق «الجدل» في الأدبيات العلمية؛ أي إنه لا يوجد جدل.
إن تلقين الأطفال أنه يوجد «جدل علمي» حول التصميم الذكي هو بمنزلة تلقينهم أكذوبة. ربما يوجد جدل في الواقع، لكنه ليس جدلا «علميا». (5) حجة التصميم الدقيق
طبقا لبعض نظريات الفيزياء الحالية، يبدو أن الكون «مصمم تصميما دقيقا» من أجل الحياة. وتفيد بأنه لكي توجد حياة، يجب أن تكون قوانين الطبيعة والأحوال الأولى للكون مضبوطة تماما. فإن كانت قوى معينة أقوى أو أضعف قليلا، وإن كانت أبعاد أو قيم معينة أكبر أو أصغر قليلا، فما كانت الحياة لتتمكن من الظهور أو كانت ستقل كثيرا احتمالات ظهورها. وفيما يلي رأي ستيفن هوكينج في هذا الشأن:
الحقيقة المثيرة للانتباه هي أن قيم هذه الأرقام [الرئيسية] يبدو أنها مضبوطة على نحو بالغ الدقة كي تتيح نشوء الحياة؛ على سبيل المثال، لو اختلفت الشحنة الكهربية للإلكترون اختلافا ضئيلا فقط، لما تمكنت النجوم من حرق الهيدروجين والهليوم، أو لكانت قد انفجرت.
وكثيرا ما يقال إن احتمالية أن يتوافر للكون مثل هذه التوليفة من السمات من قبيل المصادفة فقط في واقع الأمر ضئيلة جدا. إنها احتمالية بالغة الضآلة في الواقع، لدرجة أن البعض يظن أن افتراض وجود عامل ذكي من نوع ما «صمم» عمدا الكون على هذا النحو فرض أكثر منطقية، وسيضيف كثيرون أن هذا الذكاء هو الإله؛ فالإله يقدم تفسيرا مرضيا لما سيكون من دونه مجموعة بعيدة الاحتمال جدا من المصادفات؛ ومن ثم فمن المعقول الإيمان بوجود الإله.
إلى أي مدى تدعم فعليا تلك الملاحظات وغيرها عن العالم الطبيعي الإيمان بوجود الإله؟ إنها بالكاد تدعمه، إن كانت تدعمه من الأساس.
بادئ ذي بدء، لاحظ أن المزاعم العلمية التي تستند إليها حجة التصميم الدقيق ليست بمنأى تام عن الجدل.
يتشكك عدد من العلماء إن كان هناك نطاق محدود جدا فحسب من المعاملات الفيزيائية يمكن للحياة أن تنشأ في إطاره. وقد درس الفيزيائيون، وفيهم فيكتور شتينجر وأنتوني أجيري وكريج هوجان، تلك الأكوان التي تنتج عندما تتغير ستة معاملات كونية في نفس الوقت بعدة قيم أسية، واكتشفوا أن النجوم والكواكب والحياة الذكية يمكن أن تنشأ على نحو يمكن تصوره في إطار كثير منها. وطبقا لهؤلاء الفيزيائيين، بالتأكيد من غير المؤكد أنه لا توجد سوى مجموعة ضئيلة جدا من المعاملات الفيزيائية التي قد تنشأ الحياة في إطارها. فإن كانوا على حق، فالكون ليس مصمما تصميما دقيقا.
يرى علماء آخرون أنه إن كان الكون مصمما تصميما دقيقا فربما هناك أيضا وجود متعدد الأكوان؛ أي عدد ضخم من الأكوان تحكمها مجموعة كبيرة من القوانين الفيزيائية المختلفة. فإن كان هناك وجود متعدد الأكوان، فلا يستبعد أن يتصادف وجود كون مصمم تصميما دقيقا؛ كون يتمتع بصفة مبدأ جولديلوكس - «مضبوط تماما» - للحياة.
ناپیژندل شوی مخ