ألم تعلم أن الشرق لا يقدر غير الغني الغبي، ويحتقر الأديب اللوذعي؟ ألم تعلم أنه لا يقر لأحد بفضل ولا يعرف قدرا إلا لحامل المال؟ فهو في نظره الأديب الأريب، وهو الذكي اللبيب، وهو العالم القدير، وهو الوجيه الكبير، وهو سيد البلغاء، وأمير الأمراء؟
لقد سلكت أنت يا سليم طريق الفضيلة والمعرفة والشرف، فإذا هذا حالك من سقم ونسيان وانزواء.
أما أنا، أنا معروف، فقد سلكت طريق الرذيلة واللصوصية، طريق التعدي والفجور، طريق الجهل والاحتيال والتهريج، وهذا حالي من نفوذ وسلطة وثروة وحظوة لدى الحكام وأهل الوجاهة، أدخل المجالس فيقف لي الناس مقدمين لي شتى ضروب التقدير والاحترام، وينادونني بالوجيه الكريم، والزعيم الخطير، والمجاهد العظيم، ويجلسونني في صدر المكان، وأنا، أنا أعرف نفسي، لص محتال، وزنديق أفاك، تعرفني السجون وأصحاب السوابق وأسياد الجريمة.»
ولكن سليما وهو المثالي، فقد هز رأسه وتابع طريقه وهو يقول: «الحمد لله! لقد انتصر العلم على الجهل والخير على الشر، لقد أرسلت لي العناية من جاء يعترف، رغم قوته، أنه لص محتال وجاهل أفاك.
وإني أحمد الله، أن أمتي، رغم ما بلغته من انحلال وتفسخ وجهل، لا يزال فيها بقية من تلك الأخلاق الطيبة والجوهر الإنساني، حتى في قرارة نفس لص جاهل، إنه حقا لمما يبعث الثقة ويجدد الأمل بأنه لا يزال هناك مجال للعمل والإصلاح، أما ما تبقى فهو تراب وإلى التراب.»
ولنختم مرددين قول الشاعر:
فكن رجلا إن أتوا بعده
يقولون مر وهذا الأثر
ناپیژندل شوی مخ