فلما جاء الإسلام قدموا مع أبى عبيدة بن الجراح رضى الله عنه، وكانوا أشد من معه من العرب شوكة، وأكثرهم عددا، فانتجعوا (¬1) البلاد، واختطوا الخطط، ونزلوا قنسرين ومنبج وسورية وحماة ومعرة النعمان وكفرطاب وغيرها من بلاد الإسلام، وتغلبوا عليها. وكانوا على دين النصرانية، فامتنعوا من أداء الجزية، وقالوا: ما نؤدي ما يقع عليه اسم الجزية، وكانوا أهل قوة وبأس. فلما سار عمر رضي الله عنه إلى الشام قدموا عليه، فقال: ما أقنع منكم إلا بالدخول في الإسلام أو السيف، وأمهلهم سنتين. ثم إنه ألزمهم ما يلزم أهل الذمة من الجزية، فأبونا عليه، وقالوا: خذ المال منا على اسم الصدقة، دون اسم الجزية. فأبى عمر، ثم أجابهم إلى أن يأخذها على اسم الخراج، فاستجاب له قوم منهم، وأقاموا بديارهم. وكان منهم أجداد أبي العلا، وأحداد بني الفصيص (¬2) ولاة قننسرين؛ وأسلم بعضهم في أيام أبي عبيدة، وبعضهم في أيام المهدي بن المنصور، ودخل منهم قوم إلى بلاد الروم مع جبلة [بن] (¬3) الأيهم في النصرانية.
مخ ۸