قالت: «نعم يا مولاي.»
قال: «يظهر لي أنك من أهل الذكاء والإخلاص، فعساك أن تكوني قد حملت إلينا خبرا يهمنا كما قلت.»
فارتبكت، ولكنها تمالكت وتجلدت، وتصورت أنها تطلب نجاة رامز حبيب قلبها فقالت: «نعم يا مولاي، إني لم أقدم على هذه الجرأة إلا عن إخلاص وصدق نية.»
فقال: «قولي واصدقيني، واعلمي أنك في حضرة أمير المؤمنين.»
فأشارت إشارة الاحترام وقالت: «إن ذلك شرف لي.» وسكتت وهي تود قبل الكلام أن تعرف ما إذا كان رامز هناك وماذا جرى له، وأدرك عبد الحميد ما يجول في خاطرها فأراد أن يجعل رامزا وسيلة لإقرارها فقال: «قد علمت السبب الذي حملك على المجيء إلينا وتكبدت هذه المشقة من أجله، ويظهر أنك خائفة فلا تخافي إذا كنت تنوين الإخلاص في قولك، وإلا فإنك ...» وسكت.
فتوسمت في كلامه شيئا مما خطر لها فقالت: «أقسم لمولاي لا أقول غير ما يدعوني إليه الإخلاص و...»
فقطع كلامها قائلا: «وقبل أن تقولي شيئا اعلمي أنك تتكلمين عنك وعن رجل آخر يهمك أمره، وهو في خطر القتل الآن.»
فلما سمعت لفظ القتل أجفلت وقالت: «من يعني مولاي؟! هل رامز هنا؟!»
قال: «هو هنا في حوزتنا، وقد خاطبناه وسألناه سؤالا جعلنا حياته رهنا بصدقه في الجواب عنه لكنه لم يستطع التصريح بكل شيء، لأنه أقسم الأيمان المغلظة على الكتمان فلم يبق سبيل إلى نجاته، فهو مقتول حتما إلا إذا أنقذته بصدقك.» قال ذلك وهو يراقب حركاتها خلسة، فرآها ارتبكت في أمرها وامتقع لونها وقالت: «وما الذي يطلبه مولاي مني؟»
قال: «إني أطلب شيئا يسهل عليك كثيرا، ولا ريب عندي أن رامزا لولا تقيده بالقسم لذكره بعد أن تحقق أنه مخدوع، وربما رجع إلى صوابه في الغد. أما أنت فلا يربطك قسم فأنقذيه وأنقذي نفسك، ولا أكلفك شيئا غير التصريح لي بأسماء مؤسسي الجمعية التي تسمونها جمعية الاتحاد والترقي في سلانيك، وبذلك تنجين نفسك كما ينجو رامز وكثيرون غيره ممن قد يكونون مثله أبرياء، ونحن لا نحب أن نأخذ البريء بجريرة المجرم.»
ناپیژندل شوی مخ