انقلاب عثماني

جرجي زيدان d. 1331 AH
69

انقلاب عثماني

الانقلاب العثماني

ژانرونه

فأخذ السر خفية في إطراء ذكاء السلطان ودهائه، ثم قال: «الواقع أن هدف ذلك الاتحاد ليس سوى هذه النتيجة، وهؤلاء الأغرار أنفسهم يقلدون المسيحيين في كل حركاتهم فيعاقرون الخمر ويجالسون النساء ويفعلون كل محرم ... لله در ذلك العبد المخلص الذي صور مدحت ورجاله تلك الصورة! فإنه قد أصاب كبد الحقيقة.»

فلما سمع السلطان اسم مدحت اقشعر بدنه ولكنه تجاهل وقال: «هذه أفضل السبل، اكتب إلى رجالك بهذا المعنى. ولا حاجة بي إلى أن أوصيك بأن يبقى هذا الحديث مكتوما عن كل إنسان حتى الباشكاتب وعزت وغيرهما، فإني أعول عليك فقط. أنفق ما استطعت في هذا السبيل، ومتى عرفنا أعضاء تلك الجمعية نجعل جزاءهم القتل!» قال ذلك وتناول ورقة بجانبه وكتب عليها بيده أمرا إلى وزير المالية أن يدفع إليه عشرة آلاف ليرة عثمانية حالا، ودفع الورقة إليه وقال: «وخوفا من تأخير الدفع سأعطيك الآن دفعة مستعجلة.» ومد يده إلى جيبه وأخرج ورقة مالية بألف ليرة إنكليزية سلمه إياها، فتناولها وقبلها وجعلها في جيبه. وأشار إليه السلطان أن يجمع تلك الأوراق في المحفظة حتى يعيد نظره فيها مرة أخرى، ثم قال: «وصائب بك ينبغي أن نكافئه، لا تنس ذلك.»

فقال السر خفية: «هو مغمور بنعم أمير المؤمنين، ولكنه بعث إلي تلغرافا بطلب رتبة لواحد من المخلصين ساعده في كشف ذلك السر.»

فقال السلطان: «حسنا، قل للباشكاتب يعرض اسمه فنكافئه على إخلاصه، إننا لا نبخس المخلصين الأمناء حقهم.»

وبينما هما في ذلك إذ دخل الحاجب وقال: «إن الصدر الأعظم بالباب.» وأدرك السلطان عبد الحميد أن الصدر الأعظم لم يأته رأسا إلا لأمر يهم الدولة وله علاقة بالدول الأخرى، ولهذا لم يستطع رده رغم أنه مشغول بما كان فيه، فأشار إلى السر خفية أن ينصرف وأذن للصدر الأعظم في الدخول، فدخل وحيا ووقف حتى أشار السلطان إليه أن يجلس، فجلس متأدبا ينتظر أن يفتح السلطان الخطاب إذ ليس من آداب مجالس الملوك أن يخاطبهم أحد قبل أن يبدءوا هم الكلام. فتجلد السلطان كأنه لم يكن في شيء مما كان فيه وقال: «كيف الأحوال؟»

قال: «إن الأحوال حسنة، لكنها تحتاج إلى نظرة من مولاي البادشاه.»

ففهم أن الصدر لا يقول ذلك إلا لأمر مهم، فقال: «ما وراءك؟»

فأخرج الصدر ورقة من جيبه ودفعها إلى السلطان وقال: «هذه خلاصة ما جاءنا اليوم، إن الدول الأجنبية تستخف بنا!»

فتناول السلطان الورقة فقرأها وأعادها إلى المنضدة وقال: «أراك قد علقت على هذا الخبر أهمية كبرى.»

قال: «كيف لا يا سيدي وهذا قيصر روسيا وملك إنجلترا قد اجتمعا في «روال» وقررا ما يؤدي إلى ذهاب تركية أوروبا من أيدينا؟»

ناپیژندل شوی مخ