انقلاب عثماني
الانقلاب العثماني وتركيا الفتاة: أصدق تاريخ لأعظم انقلاب
ژانرونه
والصرب في محبة الوطن والدفاع عنه؟ ولما سألوا مشايخهم عن ذلك أجابوهم بأن الإسلام يساعد ويحض على ذلك، ووجدوا أمامهم تعليمات جمعية «الاتحاد والترقي»، فدخلوا فيها باختيار وشوق وحمية، عارفين بما ينتجه فعلهم من الفوائد المادية والمعنوية، فتشكل لهذه الجمعية مركز في سلانيك وفروع عديدة في جميع جهات الولايات الثلاث المقدونية، ولقد بلغ أعضاء الجمعية في سلانيك وحدها سبعة آلاف شخص، والجواسيس غافلون لا يدرون من أمرهم شيئا، وكان جمهور الأهالي في الولايات الثلاث المذكورة يعتقدون بأنه سيصيب بلادهم ما أصاب كريد وولاية الروملي الشرقية والبوسنة والهرسك ... إلخ؛ ولذلك كانوا في الباطن يتمنون نجاح العملية وإن لم يقدروا على التظاهر بذلك.
الأمير صباح الدين وسياسته
أكب الأمير صباح الدين على تحصيل العلم، ولا سيما بعد وفاة والده فاستنار فكره، وجنح للحرية والأخذ بوسائل المدنية الحديثة، فأسس حزبا سياسيا يعرف بحزب «التقييد واللامركزية مع التشبث الشخصي»، ولسان حال الحزب جريدة «ترقي» التركية، وقد تأسست سنة 1906 ومحررها هو أحمد فضلي بك كاتب الجمعية، فعدم المركزية أو اللامركزية
Décentralisation
يقسم إلى قسمين: عدم مركزية سياسية مثل مستعمرة كندا الأمريكية مع إنجلترا؛ وعدم مركزية إدارية وهو عبارة عن توسيع اختصاص الولايات وتأييد حريتها وانتخاب المجالس العمومية فيها، كما أشير إليه في المادة (108) من القانون الأساسي، وجرى تطبيقه قبلا فتشكل لولايات الشام مع فلسطين مجلس عمومي اجتمع مرة واحدة في بيروت، وكان ذلك في أيام ولاية راشد باشا الذي صار بعد ذلك ناظرا للخارجية وقتل في واقعة جركس حسن بك، فمراد البرنس صباح الدين بك بعدم المركزية هو عدم المركزية الإدارية، كما صرح به لاعدم المركزية السياسية الذي هو عبارة عن استقلال الإدارة مثل حكومة كندا.
ومرادهم بالتشبث الشخصي ألا يكون الأهالي عالة على حكومتهم، بل أن يسلكوا سبل التجارة والصناعة والزراعة في أمر معايشهم، حتى لا يكونوا منتظرين سبب الرزق من حكومتهم والانكباب على طلب الوظائف للتعيش منها؛ لأن السنة في الحكومات المستبدة أن ينتظر الأولاد دائما الإعانة من أسرهم، والأسر من أرباب مجالسهم، وأرباب المجالس من حكومتهم، ولكن الأمم الأنجلوسكسونية بعكس ذلك؛ فإن أولادهم يعتمدون في تحصيل الثروة على أنفسهم ويختارون الصناعة اللائقة بهم، فهذه خلاصة أفكار هذا الحزب السياسي.
نهاية الفساد والخراب في أحوال الدولة
زاد البلاء في السنين الأخيرة، وتعسر تدوير دولاب الحكومة مع إجهاد المأمورين أنفسهم في ذلك؛ فحدث في الأذهان كدر من الأمس وخوف من الغد، واحتراس من كل إنسان، ويأس من كل شيء، ونفرة زائدة، وبغض وحقد كامنان في النفوس، وعلم المقربون أنهم على وشك الانقراض، فضاق عليهم الوقت ولزمهم الاستعجال، فتهالكوا على ادخار الأموال واقتناء العقار، وأودع الدهاة منهم ثروتهم في مصارف أوروبا وأمريكا وتطلبوا أعلى الرتب والمناصب، فنالوها واستفادوا من الحال الحاضرة بقدر ما أمكنهم، ولم يفكر الواحد منهم إلا في نفسه وأولاده، ثم الأقرب فالأقرب من أسرته، واستماتوا في سبيل الوصول إلى السعادة ونفوذ الكلمة بالتقرب، واستحوذوا على مناصب الدولة ورتبها ونياشينها وألقابها، ووجهت رتبة أمراء العسكرية ورتبة «بالا» العلمية على المشايخ ذوي التيجان والعمائم، ومنحوا الراحة من الخدمة العسكرية هم ومن انتسب إليهم من الرفاعية في جميع المملكة، فأصبحوا لا ينتظمون في سلكها، فكانت هذه المنحة من غريب التناقض، وكان إذا نصب الإنعام على فرد أو أسرة انهمل كالغيث المتواصل، وانصب كله في زرع ذاك الفرد أو الأسرة دون أن يفيض منه شيء على المزارع المجاورة، ولهذا قال أحد العقلاء:
أمير المؤمنين فدتك نفسي
ونفس «أبي الضلال» لها فداء
ناپیژندل شوی مخ