مبلغه حيث بلغ؛ إلا بجماعة أصحابه» .
قلت: فقد عاد الخلاف فيما يوجد بأرض العدو مما لايملكه أحدٌ منهم منحصرًا في ثلاثة أقوال:
إباحة ذلك مطلقًا، على ما ذهب إليه الشافعي، ومنع ذلك مطلقًا، إلا أن يُجعل في الغنائم، على ما ذهب إليه أصحاب الرأي، والتفرقة بين ما لَهُ من ذلك ثمنٌ، وما لا ثمن له، فيباح ما لا خطر له، ويمنع ما له خَطَرٌ، وإليه ذهب: مالكٌ، وأحمدُ بن حنبل، وغيرهم ممن تقدم ذكره.
فأمَّا مستند من منع مطلقًا، فقد أفصحوا بذلك، حيث رأوا أن شيئًا من ذلك لم يقدر عليه إلا بالجيش، فهم شركاؤه، وأما مُستند من أباح ذلك مطلقًا، فإنه لما لم يُضَفْ إلى ملك مالكٍ؛ استحقَّه واجده، كما يكون ذلك في أرض الإسلام، وأوضح من هذا أنه مالٌ: لم يَجْرِ (١) عليه مُلك الكفار، فلم يتناوله حكم الاغتنام، وهذا راجح.
وأما التفرقة بين ما لَهُ ثمنٌ من ذلك، وما لا ثمن له؛ فاستحسان.
* مسألة:
اختلف فيما عجز الجيش عن حمله من المغانم؛ فطرحه الإمام، أو أراد إحراقه، فأخذه رجلٌ من الجيش.
فرُوي عن مالكٍ في مثل ذلك أنه لمن أخذه دون الجيش، ولا خُمس فيه، ونحوه قال الأوزاعي. وقال أشهب: لا يكون لمن أخذه، وهو فيه كرجلٍ من الجيش (٢) .
(١) كذا في الأصل، وأثبتها الناسخ: يُجْبَر. وكتب في الهامش: «كذا، ولعلها: لم يَجِدْ» . قلت: والمثبت هو الصواب.
(٢) انظر: «النوادر والزيادات» (٣/٢١٣-٢١٤)، وفيه:
«قال محمد بن الموَّاز: وقول أشهب فيما أظن فيما لو تركت السرية مَن ما لَوْ رجعت إليه لحملوه ما داموا بأرض العدو. فأما ما تركوه عند قفولهم مما يُؤَيَّس من الرجعة فيه، فهو لمن أخذه ولا يُخمس، وهو قول مالك»، ومذهب الأوزاعي في «الأوسط» (١١/٨٢) لابن المنذر.