أشقّ على أمتي، لأَحبَبْتُ أن لا أتخلَّف عن سريةٍ تخرج في سبيل الله، ولكني لا أجد ما أحملهم عليه، ولا يجدون ما يتحمَّلون عليه فيخرجون، ويشقُّ عليهم أن يتخلَّفوا بعدي ...» الحديث.
قال أهل العلم: فلو كان فرضًا معيَّنًا ما تخلف رسول الله ﷺ، ولا أباح لغيره التخلّف عنه.
وأُبينُ من هذا بيانًا: ما خرَّجه البخاري (١)، عن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «مَنْ آمن بالله وبرسوله، وأقام الصلاة، وصام رمضان، كان حقًا على الله أن يدخله الجنة، جاهد في سبيل الله أو جَلَسَ في أرضه التي وُلِدَ فيها»، قالوا: يا رسول الله، أفلا نبشِّر الناس؟ قال: «إن في الجنة مئة درجة، أعدَّها الله للمجاهدين في سبيل الله، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض؛ فإذا سألتم الله، فاسألوه الفردوس، فإنه أوسط الجنة، وأعلى الجنة، أُرى: وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجّر أنهار الدنيا» .
قوله في «الموطأ»: «عن سَريَّةٍ»، السَّرية: الجماعة من الخيل نحو أربع مئة، ويُحتمل أن يُسَمَّى ما دون ذلك سَرِيَّة.
قال النبي ﷺ: «خير السرايا أربع مئة» (٢)؛ خرَّجه الترمذي، وأبو دواد.
_________
= وأخرجه البخاري في «صحيحه» في كتاب الجهاد (باب الجعائل والحملان) (٢٩٧٢)، ومسلم في «صحيحه» في كتاب الإمارة (باب فضل الجهاد والخروج في سبيل الله) (١٠٣) (١٨٧٦) .
(١) في «صحيحه» في كتاب الجهاد والسير (باب درجات المجاهدين في سبيل الله، يقال: هذه سبيلي وهذا سبيلي) (رقم ٢٧٩٠) . وفي كتاب التوحيد (باب: ﴿وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ﴾ [هود: ٧]) (رقم ٧٤٢٣)، وفيه: «هاجر» بدل «جاهد» .
(٢) أخرجه أبو داود في «سننه» (رقم ٢٦١١)، والترمذي (رقم ١٥٥٥)، وابن خزيمة (رقم ٢٥٣٨)، وابن حبان (١٦٦٣)، وأحمد (١/٢٩٤)، والحاكم (١/٤٤٣ و٢/١٠١)، وعبد بن حميد في «المنتخب» (رقم ٦٥٢)، ومحمد بن مخلد في «المنتقى من حديثه» (٢/٣/٢)، والضياء في «المختارة» (٦٢/٢٩٢/٢)، وأبو يعلى في «مسنده» (٤ رقم ٢٥٨٧)، والبيهقي في «الكبرى» (٩/١٥٦)، من طريق =
1 / 33