يفعل، بل ذلك واجبٌ على الإمام إن هو عَجَزَ عن استنقاذهم بالقتال؛ لأنَّ افتداء المسلمين واجبٌ بالكتاب والسُّنَّة والإجماع، قال الله -تعالى-: ﴿وَإِن يَأتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ﴾ -يعني:
افتداء الأسارى هو مما كتبه الله تعالى- ﴿وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ﴾ [البقرة: ٨٥] يعني: قتالهم وإخراجهم.
وفي البخاري (١)، عن أبي موسى قال: قال رسول الله ﷺ: «فُكُّوا العاني
-يعني: الأسير- وأطعموا الجائع، وعودوا المريض» . والإجماع على وجوب فَكِّ الأسير؛ ذكره أبو محمد بن حزم (٢) . وسئل مالك: أواجبٌ على المسلمين افتداء من أُسِرَ منهم؟ قال: نعم؛ أليس واجبًا عليهم أن يقاتلوا حتى يستنقذوهم؟ فقيل: بلى. قال: فكيف لا يفتدونهم بأموالهم! قيل: أراد مالكٌ قول الله -تعالى-: ﴿وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا﴾ [النساء: ٧٥]، نزل في قتال أهل مكة لاستنقاذ من فيها من المستضعفين. قال مالك: وإن لم يقدروا على فدائهم إلا بكلِّ ما يملكون، فذلك عليهم (٣) .
ولم يختلف العلماء في وجوب استنقاذهم؛ إما بالقتال، وإمَّا بالفداء، وإنما اختلفوا على من تكون فديتهم؛ قال ابن المنذر: رُوِّينا عن عمر بن الخطاب أنه قال: واعلموا أنَّ كلَّ أسيرٍ من أَسارى المسلمين، فإنَّ فِكاكَهُ من بيت مال المسلمين (٤) .