وهذا منه جَرْيٌ على أصله في منع المنِّ والمفاداة كما تقدم من مذهبه (١)، وأجاز ذلك مالكٌ من أهل الذمَّة في الرجال والنساء، وقال أحمد وإسحاق: لايباعون، صِغارًا كانوا أو كبارًا من اليهود والنصارى (٢) . قال الأوزاعي (٣): وكان المسلمون لا يَرَوْنَ بأسًا ببيع السَّبي منهم، وكانوا يكرهون بيع الرجال، إلا أن يفادى بهم أسارى من المسلمين.
فوجه الجواز في الجميع: عموم قوله -تعالى-: ﴿فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً﴾ [محمد: ٤]، وذلك يشمل الفداء بالأسرى والمال، وما ثَبتَ أن النبي ﷺ قَبِلَ فدية المال من أُسارى بدر (٤)، ومما وردَ في المفاداة بالنساء؛ ماخرّجه مسلم (٥) من حديث سلمة بن الأكوع في المرأة من السَّبي، وكان نُفِلَها، فاستوهبها منه رسول الله ﷺ، فبعث بها إلى أهل مكة ففدى بها ناسًا من المسلمين كانوا أُسِروا بمكة.
وممّا وردَ في بيعهنَّ من المشركين بالمال، ماخرَّجه مالك في «موطئه» (٦) عن أبي سعيدٍ الخدري قال: خرجنا مع رسول الله ﷺ في غزوة بني المصطلق، فأصبْنَا