فصلٌ: في ابتداء الأمر بالقتال والتدريج فيه
قال الله ﷿: ﴿قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ [الأعراف:
١٥٨]، وقال -تعالى-: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ﴾ [سبأ: ٢٨]، وقال رسول الله ﷺ: «أُعطيتُ خَمْسًا لم يُعطهنَّ أحدٌ قبلي: كان كلّ نبيٍّ يبعث إلى قومه خاصة، وبُعثت إلى كل أحمر وأسود» الحديث. خرَّجه مسلم (١) .
فَثَبتَ بالبراهين القاطعة والآيات البيِّنة ومن الكتاب والسنَّة والإجماع القاطع المتواتر: أنَّ محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف رسول الله ﷺ إلى الخلق أجمعين؛ إنْسِهم وجِنِّهم، أحمرهم وأسودهم، عَربهم وعجمهم، من كان منهم في عصره، ومن يأتي بعده إلى يوم القيامة، قال الله -تعالى-: ﴿قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ﴾ [الأنعام: ١٩] .
فذكر أهل العلم والنقل، أن رسول الله ﷺ لما بعثه الله ﷿ -وهو على رأس أربعين سنة-، أقام بمكة يدعو إلى الله -تعالى-، ويُبيِّن عن ربه ﷿ ما أرسله به من الهدى، ويتلو عليهم القرآن، وينهاهم عن الشِّركِ وعبادة
_________
(١) في «صحيحه» في كتاب المساجد ومواضع الصلاة (رقم ٥٢١) من حديث جابر بن عبد الله ﵁، وتتمة الحديث: «... وأُحلّت لي الغنائم، ولم تحل لأحدٍ قبلي، وجُعلت لي الأرض طيبة؛ طهورًا ومسجدًا، فأيما رجلٍ أدركته الصلاة صلَّى حيث كان، ونُصرت بالرعب بين يديَّ مسيرة شهر، وأُعطيت الشفاعة» .
وأخرجه البخاري في «صحيحه» في كتاب التيمم (الطهارة) (باب التيمم) (رقم ٣٣٥)، وفي كتاب الصلاة (باب قول النبي ﷺ: «جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا») (رقم ٤٣٨)، وفي كتاب فرض الخمس (باب قول النبي ﷺ: «أُحلت لي الغنائم») (رقم ٣١٢٢) مختصرًا ومقتصرًا على العبارة المذكورة في الباب.
1 / 19