خرَّج مسلم، عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «من رأى منكم منكرًا فليغيِّرُه بيده، فإن لَمْ يستطع فبلسانه، فإن لَمْ يستطع فبِقلْبِه، وذلك أضعف الإيمان» (١) .
وعلى هذا الضَّرب حَمَلَ جماعةٌ من العلماء ما أمر الله -تعالى- به نبيه ﷺ من جهاد المنافقين في قوله -تعالى-: ﴿جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ﴾ [التوبة: ٧٣]، فهذا إنما يكون في المنافقين بالقول من الزجر والوعيد والتهديد، وما أشبه ذلك؛ لأنه ﷺ لم يؤمر بقتلهم؛ لِمَا كانوا يظهرونه من الإسلام، قال ابن عباس (٢)،
_________
= (١/١٧٨)، و«نصاب الاحتساب» (٣١٣)، و«أضواء البيان» (١/١٧٥)، و«الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» (ص: ١٥٧ ومابعدها) لجلال العمري، و«الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وواقع المسلمين اليوم» (ص: ١٠٣ ومابعدها) لصالح الدرويش، و«الأمر بالمعروف» لعبد الرحمن المقيط (ص ٥٠)، و«الأمر بالمعروف» (ص ٣٨٦) لخالد السبت، و«الجواب الأبهر لمن سأل عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» (ص ٥٧-٦١)، و«أصول الدعوة» (١٩٠، ٣١٢) لعبد الكريم زيدان.
(١) أخرجه مسلم في «صحيحه» في كتاب الإيمان (باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان، وأن الإيمان يزيد وينقص، وأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان) (رقم ٤٩) .
(٢) أخرجه ابن جرير في «التفسير» (١٠/١٨٣) عن ابن جريج عن ابن عباس قال: الكفار بالقتال، والمنافقين: أن تغلظ عليهم بالكلام.
وأخرجه ابن أبي حاتم في «تفسيره» (٦/١٨٤١/ رقم ١٠٣٠١)، وابن جرير في الموطن السابق، والبيهقي في «السنن الكبرى» (٩/١١) عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله
-تعالى-: ﴿يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ﴾ قال: فأمره الله أن يجاهد الكفار بالسيف، والمنافقين باللسان، وأذهب الرفق عنهم.
وعزاه السيوطي في «الدر المنثور» (٤/٢٣٩) إلى ابن المنذر، وابن مردويه.
ولكن علي بن أبي طلحة: قال دُحيم: لم يسمع التفسير من ابن عباس. وقال الفسوي: روى عن ابن عباس الناسخ والمنسوخ، ولم يره. وقال أبو حاتم: علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: مرسل، إنما يروي عن مجاهد والقاسم بن محمد.
انظر: «جامع التحصيل» (ص ٢٤٠ رقم٥٤٢)، و«تحفة التحصيل» (ص ٢٣٤) .
ولكن ابن أبي طلحة يروي من صحيفة عن ابن عباس. قال الحافظ ابن حجر في «العجاب» (١/٢٠٧): «وعليٌّ صدوق، لم يَلْق ابن عباس، لكنه إنَّما حمل عن ثقات أصحابه، فلذلك كان البخاري =
1 / 17