وفي «الموطأ» (١)، عن مالك، عن نافع، عن عبد الله بن عمر، أنه قال: «نهى رسول الله ﷺ أن يُسَافَرَ بالقرآن إلى أرض العدو» . قال مالك: وإنما ذلك مخافة أن يناله العدو. هكذا وقع هذا الحرف في «موطأ يحيى» من قول مالك، وهو في غيره مرفوع صحيح (٢) .
خَرَّج مسلم (٣)، عن ابن عمر قال: قال رسول الله ﷺ: «لا تسافروا بالقرآن، فإني لا آمن أن يناله العدو» .
واتفق الفقهاء أنه لا يُسافَر بالقرآن إلى أرض العدو في السرايا والعسكر
(١) في كتاب الجهاد (باب النهي عن أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو) (ص ٢٨٥ رقم ٤٥٠- ط. إحياء التراث العربي) .
وأخرجه البخاري (رقم ٢٩٩٠)، ومسلم (١٨٦٩) (٩٢)؛ من طريق مالكٍ؛ به. دون ذكرهم قول مالك، وخرجته بتفصيل في تعليقي على كلٍّ من: «تالي تلخيص المتشابه» (٢/٥٦٩-٥٧٠ رقم ٣٤٦) للخطيب البغدادي، «جزء القاضي الأشناني» (رقم ٢)، «إعلام الموقعين» (٥/٥٢) .
(٢) كان مالك يشك في رفع آخر الحديث، فقال -كما عند أبي داود (٢٦١٠) -: «أُراه: مخافة أن يناله العدو»، وعند مسلم: «قال أيوب: فقد ناله العدو» . ولم يرفعا هذا اللفظ إلى النبي ﷺ. قال صاحب «عون المعبود» (٢/٣٤١): «واعلم أن هذا التعليل قد جاء في رواية ابن ماجه [(٢٨٧٩، ٢٨٨٠)، وأبي يعلى في «معجم شيوخه» (٢٥٢)، والخطيب في «تالي التلخيص» (رقم ٣٤٦)، بل هو عند مسلم (١٨٦٩) (٩٣)]، ورواياته مفصلة عند ابن أبي داود في «المصاحف» (ص ٤١١-٤١٧- ط. الفاروق) إذ أورد له خمسة وثلاثين طريقًا، وغيرها مرفوعًا. وقال الحافظ [في «فتح الباري» (٦/ ١٣٤)]: ولعل مالكًا كان يجزم به، ثم صار يشك في رفعه، فجعله في نفسه» . ا. هـ كلام صاحب «العون» .
ولكن الحفاظ وغير مالك أثبتوا رفعه، فارتفع الشك، قاله أحمد شاكر في تحقيقه «المسند» (٦ رقم ٤٥٠٧)، وانظر: «التمهيد» (١٠/٤٣- ط. الفاروق) .
(٣) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة (باب النهي أن يسافر بالمصحف إلى أرض الكفار إذا خيف وقوعه بأيديهم) (١٨٦٩) (٩٤) .
وأخرجه البخاري في «خلق أفعال العباد» (٤٨)، وأبو داود (رقم ٢٦١٠)، وابن ماجه (رقم ٢٧٨٠ و٢٨٧٩)، والنسائي في «فضائل القرآن» (٨٥)، وأحمد (٢/٦، ٧، ١٠، ٦٣، ٧٦، ١٢٨)، والحميدي (٦٩٩)، وعبد بن حميد (٧٦٦، ٧٦٨)، وأبو إسحاق الفزاري في «السير» (رقم ٥٩٢)، وقال على إثره: «مشهور ثابت من حديث نافع» .