ومنها: أن يرجو في قيامه كَفَّ ذلك المنكر وإزالته، فإن أَيِسَ من ذلك، فقد قيل: لا يجب عليه -أيضًا- إلا تبرُّعًا.
والأظهر عندي في هذا الوجه: أنه يجب عليه القول، وإن كان يائسًا من
كفّ ذلك المنكر؛ لأن الإنكار أخصُّ فريضةً، لا يسقطه عدم تأثر المنكر عليه، ألا ترى أنّ إنكار القلب حيث لا يستطاع الإنكار بالقول واجبٌ باتفاق، وهو لا أثَرَ له في دفع ذلك المنكر! فكذلك يجب القول إذا أمكنه، وإن لم يؤثر، وأيضًا ففي إعلان الإنكار تقريرُ معالم الشرع، فلو وقع التَّمالؤ في مثل هذا على التَّرْكِ حيث لا [يغني الكف] (١) والإقلاع، لأوشك دروسها. قال الله ﷿: ﴿وَلْتَكُن مِّنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ [آل عمران: ١٠٤]، فالقول إذا قدر عليه واجب، أثّر أو لَم يؤثر (٢) .
_________
= الوجه» .
وعطية: هو ابن سعد بن جنادة: صدوق يخطئ كثيرًا ويدلس، وكان شيعيًا مدلسًا. كما قال الحافظ في «التقريب» (٤٦١٦) .
فإسناده ضعيف؛ لضعف عطية هذا. ولكن تحسين الترمذي له؛ لأحاديث الباب؛ ففي الباب عن أبي أمامة صدي بن عجلان ﵁.
انظر: «صحيح الترمذي» (٢١٧٤)، و«صحيح أبي داود» (٤٣٤٤) كلاهما لشيخنا الألباني
﵀.
(١) كتب أبو خبزة في هامش نسخته: «كلمة غير ظاهرة»، ولعلها كما أثبتنا.
(٢) اختلف العلماء فيما إذا كان القائم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر متأكدًا من عدم التأثير؛ أو إنَّ أمره ونهيه لا يفيد، ولا يعود بطائل، على قولين:
الأول: لا يجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في هذه الحالة، وهو قول أبي حامد الغزالي في «إحياء علوم الدين» (٢/٢٨٠)، إذ قال -رحمه الله تعالى-: «... أنْ يعلم أنه لا يفيد إنكاره، ولكنه لا يخاف، فلا تجب عليه الحسبة، لعدم فائدتها، ولكن تستحب لإظهار شعائر الإسلام، وتذكير الناس بأمر الدين»، وهو اختيار عزالدين عبد اللطيف بن عبد العزيز المعروف بابن ملك (ت ٧٩٧هـ) في «مبارق الأزهار في شرح مشارق الأنوار» (١/٥٠) حيث قال: «وأما النهي عن المنكر فلوجوبه شرائط منها: أنْ يغلب على ظنه أنَّ نهيه مؤثر لاعبث»، وإليه مال التفتازاني في «شرح المقاصد» =
1 / 15