216

Inference by Al-Khatib Al-Sharbini in His Interpretation of Al-Siraj Al-Munir

الاستنباط عند الخطيب الشربيني في تفسيره السراج المنير

ژانرونه

هذا نص الفقهاء قديمًا على أن الأجرة المأخوذة فيما يشبه عمل الطاعات حرام على الآخذ، لكن المتأخرين منهم استثنوا من هذا الأصل تعليم القرآن والعلوم الشرعية، فأفتوا بجواز أخذ الأجرة عليه استحسانًا، دفعًا للحرج والمشقة؛ لأنهم يحتاجون إلى ما به قوام حياتهم هم ومن يعولون، وفي اشتغالهم بالحصول عليه من زراعة أو تجارة إضاعة للقرآن الكريم والشرع بانقراض حملته، فجاز إعطاؤهم أجرًا على هذا التعليم (^١) لأنها من المصالح، وليس بعوض بل رزق للإعانة على الطاعة، ولا يخرجه ذلك عن كونه قربة ولا يقدح في الإخلاص. (^٢) والذي يظهر - والله تعالى أعلم - أن المعلم إذا لم تدعه الحاجة الضرورية فالأولى له ألا يأخذ عوضًا على تعليم القرآن، والعقائد، والحلال، والحرام، وإن دعته الحاجة أخذ بقدر الضرورة من بيت مال المسلمين ; لأن الظاهر أن المأخوذ من بيت المال من قبيل الإعانة على القيام بالتعليم لا من قبيل الأجرة، والأولى لمن أغناه الله أن يتعفف عنه. (^٣) وعليه فدلالة الآية على امتناع أخذ الأجرة على العلم ليست على إطلاقها، بل هي مقيدة بالحاجة إلى الأجرة، وما يؤخذ من بيت مال المسلمين هو على سبيل الإعانة، لا على سبيل العوض والإجارة وحكمه الجواز (^٤)، والله تعالى أعلم.

(^١) قال صاحب كنز الدقائق الحنفي: (والفتوى اليوم على جواز الاستئجار لتعليم القرآن) وهو مذهب المتأخرين من مشايخ بلخ. تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي (٥/ ١٢٤). (^٢) ينظر: فقه السنة لسيد سابق (٣/ ١٨٥). (^٣) ينظر: أضواء البيان للشنقيطي (٢/ ١٨٢)، والشرح الممتع لابن عثيمين (٢/ ٤٨). (^٤) ينظر: المغني لابن قدامة (٨/ ١٣٨)، والفتاوى الكبرى (٣٠/ ٢٠٦)، والتاج والإكليل للمواق (٢/ ١١٧)، ومواهب الجليل للحطَّاب المالكي (١/ ٤٥٦)، وفتاوى اللجنة الدائمة (١٥/ ٩٦)، وأحكام التصرف في المنافع لفهد العمري (١٣٥).

1 / 216