197

Inference by Al-Khatib Al-Sharbini in His Interpretation of Al-Siraj Al-Munir

الاستنباط عند الخطيب الشربيني في تفسيره السراج المنير

ژانرونه

تعنت عليه قومه تعنت من قبله كذلك، فهذا ديدن كل كافر برسل الله منذ قديم الزمان، ولهذا قال سبحانه: ﴿تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ أي: في مثل هذا القول تشابهت قلوبهم فكانت مخاطبتهم للرسل مخاطبة واحدة، وهي إنكارهم على الرسل اختصاصهم بالوحي والرسالة دونهم، فطلبوا منهم تلك الآيات بقصد التعنت والإلجاء؛ لأن الطغيان قد ساوى بينهم، حتى كأنهم تواصوا فيما يقولون، قال سبحانه عنهم ﴿أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ﴾ [الذاريات: ٥٣]، فالكفر ملة واحدة، والتشابه كله في مكابرة الحق. (^١) وممن استنبط هذه الفائدة من الآية: السيوطي، والقاسمي، وابن عثيمين، وغيرهم. (^٢) قال ابن عثيمين: (ومنها - أي من فوائد الآية - تسلية الرسول ﷺ؛ لأن الإنسان المصاب إذا رأى أن غيره أصيب فإنه يتسلى بذلك، وتخف عليه المصيبة، كما قال تعالى: ﴿وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ﴾ [الزخرف: ٣٩]؛ فالله تعالى يسلي رسوله ﷺ بأن هذا القول الذي قيل له قد قيل لمن قبله). (^٣) وهي فائدة لطيفة، تكرر مثلها كثيرًا في سياق القصص القرآني، بغرض تثبيت قلبه، ومواساته ﷺ، والله تعالى أعلم.

(^١) ينظر: تفسير المنار (١/ ٣٦٣). (^٢) ينظر: تفسير الجلالين (١/ ٢٥)، ومحاسن التأويل (١/ ٣٨٦)، وتفسير سورة البقرة للعثيمين (٢/ ٢٥) (^٣) تفسير سورة البقرة للعثيمين (٢/ ٢٥)

1 / 197