ضحكت: عليك أن تسترد منه الثمن.
قال: إنه نصاب!
قالت: كان عليك أن تفحص البقرة قبل شرائها!
كالباحثة عن الفضيحة، فالفضيحة وحدها هي التي تنقذها، هي التي تجعل الجميع يلفظونها، وهي تريد أن تلفظ، أن تصبح بغير أب وبغير أم وبغير أسرة تظللها أو تحميها، فالحماية إنما هي الخطر ذاته. إنه الاعتداء على حقيقتها، واغتصاب إرادتها ووجودها.
ظلت جالسة في مقعدها، ورأته يشد الملاءة فوقه وينام، وارتفع شخيره بعد فترة، فأدركت أن شخير الأزواج كشخير الآباء، وتسللت على أطراف أصابعها إلى الشارع، وحينما رأت خيوط الفجر الأحمر في الأفق، تذكرت أن هذا الصباح هو «الصبيحة»، وأن الفضيحة تنتظر أسرتها، وأن أباها سيقبل، يتشمم رائحة الدم، وتفتش أمها ملاءة السرير وقميص النوم، وينتشر أفراد الأسرة في بيت العرس يبحثون بلا جدوى عن شرفهم غير الموجود. •••
بقدمين ثابتتين سارت في الشارع ترتدي بلوزتها البيضاء وبنطلونها الأسود، تدب بقدمها على الأرض بقوة، وتفصل بين ساقيها بثقة، خطواتها واسعة سريعة كخطوات الشاب الرياضي، وحذاؤها منخفض بغير كعب، وشعرها الأسود القصير متناثر فوق أذنيها وعنقها من الخلف، وعيناها السوداوان شديدتا السواد ومرفوعتان إلى أعلى، وأنفها المرتفع الحاد يشق الكون بغير رفق ولا تردد، وشفتاها مزمومتان في إصرار كالغضب أو غضب كالإصرار. حين بلغت شارع القصر العيني أدركت أنها تعرف هدفها.
لمحت إحدى زميلاتها تهبط من الترام فتراجعت واختفت وراء الجدار، راقبت جموع الطلبة والطالبات وهم يهبطون من الترام أو الأتوبيس ويسيرون نحو الكلية. حين هدأ الشارع وابتلعت الكلية الطلبة والطالبات خرجت من وراء الجدار وسارت حول سور الكلية، تنظر من خلال القضبان الحديدية إلى باب المشرحة، والباب المجاور لا تزال تعلوه اللوحة البيضاء تحمل اسمها، ورءوس الطلبة والطالبات تتحرك من وراء نوافذ المدرجات والمشرحة. - بهية شاهين!
رن الصوت من خلفها فانتفضت. رأت أمامها وجه أحد زملائها. تذكرت اسمه. كان هو رءوف قدري.
سألها: كيف حال الكلية؟
قالت: لم أعد بالكلية.
ناپیژندل شوی مخ