قال الشاب بهدوء: «أنا لا أقول إن هذا تشهير؛ إذ إن هذا أمر تقرره المحاكم. يمكنك مقاضاتنا بتهمة التشهير، إن ظننت أننا عاملناك بطريقة سيئة. أستطيع القول إن هذا قد جرت محاولته عدة مرات، لكن دون تحقيق أي نجاح ملحوظ.» «لكن هل تقصد أن تقول إنكم تنوون نشر هذا المقال إن لم أدفع لكم الثلاثمائة جنيه؟» «نعم؛ دعني أصغ بصراحة، هذا تماما ما أقصده.»
قام كينيون غاضبا وفتح الباب بقوة. «يجب أن أطلب منك ترك هذا المكان، وعليك تركه في الحال. إن جئت إلى هنا مرة أخرى بينما أكون موجودا، فسأستدعي أحد رجال الشرطة وأجعله يطردك!»
رد عليه الآخر بلباقة: «سيدي العزيز، إنها فقط مسألة خاصة بالعمل. إن وجدت أنه من المستحيل التعامل معنا، فلا مشكلة في ذلك. إن كانت صحيفتنا لا تأثير لها، فلن نستطيع بأي حال أن نضرك. هذا، بالطبع، متروك لك الحكم عليه بالكامل . وفي أي وقت من الآن وحتى ليلة الأحد، إن قررت أن تتصرف على نحو آخر، فإن برقية لمكتبنا ستؤجل الأمور حتى تتاح لنا الفرصة للوصول إلى اتفاق معك. وفي حالة عدم حدوث هذا، فسينشر هذا المقال صباح يوم الإثنين. أتمنى لك يوما سعيدا جدا، يا سيدي.»
لم يقل جون شيئا، لكنه راقب زائره حتى وصل إلى الرصيف، ثم عاد لإعداد تقريره.
وفي صباح يوم الإثنين، بينما كان كينيون آتيا بالقطار، لمحت عيناه ملصقا جذابا على واحدة من اللوحات الإعلانية بالمحطة. كان عنوانه «فاينانشال فيلد»، وكان مكتوبا في السطر التالي، بأحرف سوداء سميكة، «عملية الاحتيال الخاصة بمنجم الميكا»، ونادى كينيون على بائع الصحف واشترى منه نسخة من الصحيفة. وجد أمامه، بمسافة رأسية كبيرة بين السطور، المقال. لقد بدا، على نحو ما، أكثر أهمية بكثير في الصفحة المطبوعة مما بدا في المسودة.
وبينما أخذ يقرؤه، لاحظ فيه بعض الصدق الذي كان قد فاته أثناء النظرة السريعة التي ألقاها عليه يوم الجمعة. لقد ذكر المقال أن شركة المناجم النمساوية قد خسرت قدرا كبيرا من المال في المنجم، وأنها لم تدفع قط أي أرباح؛ وأنها واصلت فقط تحمل الخسارة على أمل أن تستطيع الاحتيال على بعض المستثمرين الواثقين فيها؛ لكن حتى تلك المخططات لم تكن لتقارن بالفعل الشديد الحقارة الذي يسعى جون كينيون للقيام به. لقد توقف لالتقاط أنفاسه عندما رأى اسمه في الصحيفة. كانت هذه صدمة لم يكن مستعدا لها؛ لأنه لم يلاحظ اسمه في المسودة. ثم تابع القراءة. بدا أن هذا الرجل، كينيون، قد حصل على حق شراء المنجم بمبلغ يصل لنحو عشرة آلاف جنيه، وكان يحاول أن يقنع البريطانيين العاثري الحظ بشرائه بزيادة هائلة في الثمن بحيث يصل إلى مائتي ألف جنيه؛ لكن تلك المحاولة البشعة ستحبط بلا شك ما دامت هناك صحف نزيهة مثل «فاينانشال فيلد» يمكنها تحمل مخاطرة وتكلفة كشف، كالذي هو مذكور هنا.
كان المقال يتضمن تركيزا شديدا على كينيون. لقد أخذ كينيون يقرؤه ويعيد قراءته في ذهول ، كما لو كان يتحدث عن شخص آخر، ولم يستطع منع نفسه من الحزن على هذا الشخص.
كان لا يزال يحمل الصحيفة في يده بينما كان يسير في الشارع، وكان يشعر بالخدر والدوار كما لو أن شخصا قد ضربه على رأسه. كان على وشك أن يصدم أثناء عبوره لأحد الشوارع، وسمع سيلا من السباب موجها إليه من سائق إحدى عربات الأجرة ورجل في إحدى الحافلات؛ لكنه لم يعرهما انتباها، وأخذ يسير وسط الحشود وكأنه واقع تحت تأثير سحر.
تجاوز باب مقر عمله الفخم لدى وصوله إليه، وسار بعض المسافة للأمام في نفس الشارع قبل أن يدرك ما فعله. ثم عاد أدراجه مرة أخرى، وعند عتبة الباب تماما، توقف وهو يشعر بوخز في صدره.
وقال لنفسه: «ماذا لو قرأت إديث لونجوورث هذا المقال؟»
ناپیژندل شوی مخ