وفي الساعة الثالثة، حضر الصحفي الأنيق الهادئ المنتمي لصحيفة «فاينانشال فيلد».
وقال: «آه، سيد كينيون، أنا مسرور للقائك. لقد أتيت إلى هنا مرتين، لكن لم يسعدني الحظ لإيجادك. هل يمكنني أن أتحدث إليك على انفراد للحظات؟»
رد كينيون: «نعم.» ثم أردف: «هيا بنا إلى غرفة المديرين.» وذهب الاثنان إلى غرفة المديرين، وأغلق كينيون الباب وراءهما.
قال مندوب صحيفة «فاينانشال فيلد»: «والآن، لقد أحضرت لك مسودة المقال الذي نريد نشره، والذي طلب مني مالك الصحيفة أن أريك إياه، حتى يكون، إن كان هذا ممكنا، خاليا من الأخطاء. إننا نتطلع بشدة في صحيفتنا لإخراج كل شيء على نحو صحيح.» وهنا، أعطى لجون قطعة ورق طويلة بها عمود من المادة المطبوعة.
كان عنوان المقال هو «الشركة الكندية المحدودة لمنجم الميكا». وتناول المقال حال المنجم، والدخل الذي كان يدره، والفرص المتاحة للمستثمرين للحصول على عائد جيد على أموالهم من خلال شراء الأسهم. قرأ جون المقال بالكامل بعناية.
ثم قال: «هذا مقال رائع للغاية، ولا يوجد به أي خطأ، بحسب ما أرى.»
رد الشاب، وهو يطوي المسودة ويضعها في جيب المعطف الداخلي: «أنا سعيد لرأيك هذا.» ثم أضاف: «والآن، وكما قلت من قبل، على الرغم من أنني لست مندوب إعلان لصحيفة «فاينانشال فيلد»، فقد أردت أن أراك بشأن عمل إعلان عن الشركة لصالح الصحيفة.» «حسنا، يجب أن تعلم أننا لم نعقد بعد اجتماعا للمساهمين المنتظرين، ومن ثم لسنا في وضع يسمح لنا بعمل أي إعلانات عن المنجم. أنا ليس لدي شك في أننا سنقوم بعمل إعلانات، وبالطبع، ستكون صحيفتك من أوائل الصحف التي سنضعها في الاعتبار عند التفكير في ذلك.»
قال: «أوه، هذا ليس مرضيا لنا. لدينا نصف صفحة خالية لعدد يوم الإثنين، وهو أفضل مكان في الصحيفة، وقد كان مالك الصحيفة يظن أنك سترغب في حجزه.» «كما قلت منذ لحظة، لسنا في وضع يسمح لنا بحجزه. من السابق لأوانه الحديث عن الإعلان في ظل الوضع الحالي.» «أعتقد أنه سيكون في صالحك أن تحجز نصف الصفحة. سيكون المقابل ثلاثمائة جنيه، وإلى جانب هذا المبلغ، نود الحصول على بعض الأسهم في الشركة.» «هل تقصد أن ندفع ثلاثمائة جنيه من أجل إدراج إعلان لمرة واحدة فقط؟» «نعم.» «ألا ترى أن هذا المقابل مبالغ فيه بشدة؟ إن توزيع صحيفتك محدود نسبيا، ولا يطلب مثل هذا المقابل حتى في الصحف اليومية الكبيرة.» «آه، سيدي العزيز، الصحف الكبيرة مختلفة إلى حد كبير. صحيح أن لها توزيعا كبيرا، لكن توزيعها ليس من النوع الذي لدينا. لا توجد أي صحيفة توزع على نحو كبير بين المستثمرين مثل صحيفة «فاينانشال فيلد». إنها تقرأ من قبل نوعية الأشخاص الذين ترغب في الوصول إليهم، وأستطيع القول إنك لا يمكنك، إلا من خلال صحيفتنا، الوصول إلى بعض من أفضل الرجال في حي السيتي.» «حسنا، مع التسليم بكل هذا، وكما قلت قبل ذلك مرة أو مرتين، نحن لسنا بعد في وضع يسمح لنا بعمل إعلان.» «إذن، يؤسفني بشدة أن أقول إننا لا يمكننا، في يوم الإثنين، نشر المقال الذي أريتك إياه.» «رائع جدا؛ لا حيلة لي في هذا. أنتم لستم مجبرين على نشره إلا إذا كنتم ترغبون في ذلك. وأنا لست متأكدا أيضا من أن نشر المقال يوم الإثنين سيفيدنا بأي نحو. سيكون هذا سابقا لأوانه، كما قلت. نحن لسنا مستعدين بعد للسعي وراء الإعلان حتى نعقد أول اجتماع لمساهمينا المنتظرين.» «متى سيكون أول اجتماع للمساهمين؟» «يوم الإثنين، في الساعة الثالثة.» «رائع للغاية، يمكننا وضع هذا الإعلان في عمود آخر، وأنا متأكد من أنك ستجد أن عدد الحاضرين في اجتماعك سيزيد على نحو كبير وملائم جدا .» «ربما ؛ لكنني لن أفعل أي شيء إلا بعد الاجتماع.» «أعتقد أنك ستستفيد الكثير إن أخذت نصف الصفحة هذه.» «أنا لا أشك في صحة ذلك على الإطلاق. أنا فقط أقول ما قلته للآخرين، وهو أننا لسنا على استعداد للتفكير في مسألة الإعلان.» «أنا حزين لعدم استطاعتنا التوصل إلى اتفاق، يا سيد كينيون ... حزين للغاية، في واقع الأمر.» وبعد أن قال هذا، أخرج مسودة أخرى من جيبه، وأعطاها لكينيون. ثم أضاف: «إن لم نستطع الوصول إلى اتفاق، فالمدير مصر على نشر هذا، بدلا من المقال الذي أريتك إياه. هلا تتكرم وتلقي نظرة عليه؛ لأننا نود أن يكون صحيحا قدر الإمكان؟»
فتح كينيون عينيه، وبسط الورقة. لم يتغير العنوان، لكنه ما إن قرأ جملة أو اثنتين حتى اكتشف أن المقال يقول إن منجم الميكا كان يعد إحدى كبرى عمليات الاحتيال التي يتعرض لها أهل المال الأبرياء المساكين في لندن!
قال جون، وهو ينظر إليه، بغضب شديد: «هل تقصد القول إنني إن لم أرشكم بدفع ثلاثمائة جنيه، إلى جانب إعطائكم عددا غير محدد من الأسهم، فستنشرون هذا التشهير؟»
ناپیژندل شوی مخ