79

امرأة تدخل

تدخل‎ امرأة

ژانرونه

ضحك فليمنج بصخب.

وقال: «هذا هو الوضع.» ثم أضاف: «إن هذا يحدث من آن لآخر. لو فعلوا هذا كل عام، لكان علي ترك السياسة. لكن هل سترسلين تفاصيل هذا الاجتماع لصحيفة «آرجوس» دون أن تكشفي عن هويتي؟» «نعم، أنا أدرك أهمية الموضوع. والآن، أريد منك أن تعطيني كل التفاصيل؛ رقم الغرفة التي التقوا فيها، وميعاد الاجتماع بالتحديد وكل هذا. إن ما يهمني في أي تقرير عن اجتماع سري هو معرفة كل التفاصيل الصغيرة، بحيث يعرف كل من حضروه أن ما أكتبه ليس من قبيل التخمين. وهذا دائما ما يقوض أي محاولات مستقبلية للإنكار. سأذكر اسمك ...» «يا إلهي، لا تفعلي ذلك!» «يجب أن أذكر أنك كنت حاضرا.» «لماذا؟» «لماذا؟ يا إلهي! لا يمكن أن تكون غبيا بشدة بحيث لا ترى أنه، في حالة عدم ذكر اسمك، ستحوم الشكوك على الفور حولك باعتبارك من قام بإفشاء سر الاجتماع، أليس كذلك؟» «بلى، أعتقد أن هذا صحيح.» «وهذا الرجل هو حاكم إحدى كبرى المدن في العالم! استمر في سرد التفاصيل، يا سيد فليمنج؛ من أيضا كان حاضرا في الاجتماع بخلافك أنت وكرابر وسموليت؟»

كان المقال - الذي شغل عمودين ونصف العمود - بمنزلة قنبلة تفجرت في عالم السياسة في نيويورك في الصباح الذي ظهر فيه في صحيفة «آرجوس». لقد أرسل السيناتور سموليت برقية من باريس قال فيها إن كل ما جاء بالمقال كذب، وإنه لم يكن بلندن في اليوم المشار إليه، وإنه لم ير قط كرابر هناك أو في أي مكان. وأرسل كرابر برقية من كارلزباد قال فيها إنه كان مريضا، وإنه لم يغادر السرير منذ شهر. وأضاف أنه سيقاضي الصحيفة بتهمة التشهير، وهو الأمر، بالمناسبة، الذي لم يقم به قط. ولقد أسرع الصحفيون للقاء فليمنج عندما وصلت سفينته لأرض الوطن، لكنه بالطبع أعلن أنه لا يعلم شيئا عن الأمر؛ فقد سافر عبر المحيط في مهمة خاصة لا علاقة لها بالسياسة. إنه لم يكن يعرف شيئا عن مكان كرابر، لكنه كان يعرف شيئا واحدا، وهو أن كرابر كان رجلا أمينا ومحترما جدا بحيث لا يمكن أن يتعامل مع العدو.

بغض النظر عن كل حالات الإنكار هذه، فقد كان المقال يحمل في طياته أمارات الصدق، وقد صدق الجميع ما جاء به، رغم تظاهر الكثيرين بخلاف ذلك. إن تقسيم الغنائم أثار بشدة ذعر واستياء أتباع كرابر، وذهب وفد منهم للقاء الرجل العجوز.

ومن جهة أخرى، أوضحت صحيفة «آرجوس»، بأسلوب بليغ ، أنها تقف إلى جانب مصالح الناس، وأنها لا تخشى شيئا عندما يتعلق الأمر بقضايا الشعب. وتحدت الجميع أن يرفعوا ضدها قضايا تشهير إن أرادوا؛ فقد كانت على استعداد للنضال من أجل حقوق الشعب. وقد زاد معدل توزيعها أكثر فأكثر، وقد عملت طابعاتها الدوارة العديدة بكامل طاقتها لسد الطلب على الصحيفة. وهكذا يكافأ من يقوم بعمل جيد بحق.

إن الصحيفة الكبيرة تكون كريمة ببذخ، شأنها شأن الحاكم المستبد، مع من يؤدي لها خدمات جليلة، والشيك الذي صرفته جيني عندما صاحبتها الليدي ويلو إلى حي السيتي ملأ حقيبة اليد الخاصة بها عن آخرها بأوراق البنكنوت، وهو الأمر الذي لم تشهده صاحبتها قط.

وبعد قضاء بضعة أسابيع مع الليدي ويلو، بدا أن جيني قد سئمت من تفاهات الاختلاط مع الناس، وحتى من الرفقة الرزينة للسيدة الطيبة التي تعيش معها. وقد أعلنت أنها ستذهب إلى باريس لمدة أسبوع أو اثنين، لكن، نظرا إلى عدم التأكد من العنوان، فإن رسائلها ما كانت سترسل. لقد أخذت معها فقط حقيبة سفر صغيرة، وتركت بقية حقائبها مع الليدي ويلو التي جعلها هذا يحدوها الأمل في سرعة عودة ضيفتها التي تدفع لها.

استقلت جيني عربة أجرة تجرها الخيول إلى تشارينج كروس، لكن بدلا من أن ترحل في قطار باريس السريع، أشارت إلى عربة أجرة مغلقة ذات أربع عجلات، وبعد أن أعطت سائقها عنوانا في منطقة وست إند، دخلت إليها.

الفصل الرابع والعشرون

على النوافذ الكبيرة ذات الزجاج المسطح لمقر الشركة الجديد، سرعان ما ظهرت بأحرف ذهبية ذات حواف سوداء الكلمات «الشركة الكندية المحدودة لمنجم الميكا: مكتب لندن». لكن العمال الذين كانوا يجهزون الجزء الداخلي من المقر لم يكونوا بنفس سرعة الرسامين والكاتبين باللون الذهبي. ولذلك، استغرق إعداد المقر الجديد وقتا طويلا، وغضب كل من كينيون وونتوورث من التأخير؛ لأن لونجوورث قال إنه لن يمكن فعل أي شيء حتى ينتهي تجهيز المكان.

ناپیژندل شوی مخ