78

امرأة تدخل

تدخل‎ امرأة

ژانرونه

قالت، مقربة بعض الورق إليها، وملتقطة قلما: «والآن، ما تلك المعلومة المهمة؟»

رد فليمنج: «حسنا، قبل أن نبدأ، أود إخبارك بسبب تدخلي على متن السفينة وجعل الرجل الإنجليزي يعرف من أنت.» «لا عليك من هذا. من الأفضل ألا نثيره.» وظهرت لمحة من الغضب في عيني الفتاة، لكن، وبالرغم منها، استمر فليمنج في حديثه. لقد كان رجلا مثابرا. «لكن هذا له علاقة بما سأخبرك به. عندما رأيتك على متن سفينة «كالوريك»، خفق قلبي بشدة. ظننت أن سري قد انكشف وأنك كنت تلاحقينني. وكان علي أن أعرف ما إذا كانت صحيفة «آرجوس» قد علمت أي شيء عن رحلتي أم لا ، وما إذا كانت قد أرسلتك لتعقبي. فقط خمسة أشخاص في نيويورك كانوا على علم بأمر رحلتي، وحيث إن الكثير كان يعتمد على عامل السرية، فقد كان علي أن أعرف على نحو ما إن كنت هناك من أجل ... حسنا، أنت تعرفين بالطبع. لذا، تحدثت إلى الرجل الإنجليزي، وأخذت أنصت جيدا لما كان يدور حولي؛ لكن سرعان ما اتضح لي أنك ليس لديك أي علم بما كنت أنا طرفا فيه، وإلا لكنت أرسلت حينها برقية لبعض الأشخاص في لندن، وأمرتهم بإنهاء الأمر.» «يا إلهي! وما الفعل الشرير الذي كنت تدبره؟ تزوير؟» «لا؛ أمر متعلق بالسياسة. إنه شيء بنفس السوء، أعتقد أنك ستظنين هذا. والآن، هل تعرفين أين كرابر؟» «حاكم نيويورك؟ لقد سمعت قبل أن أغادر أنه كان في كارلزباد للاستشفاء.»

قال فليمنج على نحو غامض: «لقد كان هناك، لكنه الآن ...»

أشار السياسي بجدية لأسفل بسبابته. «ماذا! مات؟» هكذا قالت جيني؛ إذ كانت الحركة المشئومة لإصبع فليمنج تشير على نحو طبيعي إلى ما يعتقده كل الناس الشرفاء بأنها النهاية الحتمية لكل زعيم عصابة.

قال فليمنج، وهو يضحك: «لا؛ إنه في هذا الفندق.» «أوه!» «نعم، والسيناتور سموليت، رئيس حزب الصلاح، هنا أيضا، على الرغم من أنك لن تقابليهما كثيرا في قاعات الفندق كما تفعلين معي. إن هذين الرجلين المحترمين اللذين من المفترض أنهما خصمان سياسيان، لا يحاولان لفت الأنظار إليهما ولا يدليان بأي تصريحات.» «فهمت. وقد عقدا اجتماعا معا.» «بالضبط. والآن، الأمر يشبه هذا.» سحب فليمنج ورقة تجاهه، ورسم عليها شكلا بيضاويا. ثم أردف: «هذه هي نيويورك. سنسميها فطيرة اليقطين، إن أردت، التي تشبه المادة المصنوعة منها رءوس مواطنيها أصحاب الضمير الحي. أو ربما، فطيرة الحمام؛ لأن المواطن النيويوركي يستغل بسهولة. والآن، انظري هنا.» رسم فليمنج من نقطة في المنتصف عدة خطوط متشعبة. ثم أردف: «هذا ما يفعله كرابر وسموليت في لندن. إنهما يقسمان الفطيرة بين الحزبين.» «هذا مثير جدا للاهتمام، لكن كيف ستوزع الأجزاء؟» «الأمر بسيط للغاية. كما تعرفين، إن رهاننا الكبير على المواطن الصالح؛ الناخب الذي يريد أن ينتخب على نحو صحيح وينتخب رجلا شريفا. ولو لم يكن المرشحون شرفاء والناخبون أيضا شرفاء، لكان عالم السياسة في نيويورك لعبة غير مضمونة إلى حد كبير. كما تعرفين، ما يسمى بالعنصر المحترم في كل الحزبين هو أملنا الوحيد. إن كلا منهما يثق في حزبه، ويرى أن أتباعه أفضل من أتباع الآخر؛ لذا، كل ما يجب فعله هو ترشيح شخص أمين لتمثيل كل حزب، ثم سيقسم هذا ما يسمونه بالانتخاب النزيه، ونحن السياسيين الحقيقيين نحصل على رجلنا من بين الاثنين. هذا هو ما يحدث في عالم السياسة في نيويورك. والآن، السيناتور سموليت هدد بألا يضع رجلا شريفا في قائمة مرشحي حزبه، وكان هذا سيقلب علينا بالكامل الانتخاب النزيه للحزبين؛ لذا كان علينا أن نعقد صفقة معه، ونضيف إليها مسألة انتخابات الرئاسة القادمة. إن كرابر ليس طماعا؛ إنه يعرف متى يكون لديه الكثير، ونيويورك كافية بالنسبة إليه. وهو لا يهتم بمن سيحصل على مقعد الرئاسة.» «وهذا الاجتماع قد عقد؟» «هذا صحيح. لقد تم في هذا الفندق.» «لقد عقدت الصفقة، على ما أظن؟» «نعم. وقسمت الغنيمة.» «ألم تحصل على قطعة منها؟» «أوه، معذرة، لقد فعلت!» «إذن، لماذا جئت إلي وأخبرتني بكل هذا؛ إن كان هذا صحيحا؟»

ظهر استياء مستحق على وجه فليمنج. ««إن» كان هذا صحيحا؟ بالطبع، إنه صحيح. لماذا جئت إليك؟ لأنني أريد أن أصبح صديقا لك؛ هذا هو السبب.»

نظرت جيني إليه بتأمل لبضع لحظات، وهي تقضم طرف قلمها، ثم هزت رأسها ببطء. «إن استطعت أن تجعلني أصدق هذا، يا سيد فليمنج، فلن أنشر كلمة. لا، لا بد أن يكون لدي دافع مناسب؛ لأنني لن أنشر أي شيء لا أعتقد أنه صحيح مائة بالمائة.» «أؤكد لك، يا جيني ...» «انتظر دقيقة. إنك تقول إنك قد وعدت بنصيبك في الصفقة الجديدة، لكنه ليس بالنصيب الكبير الذي لديك الآن. من المنطقي أن اقتسام كرابر الغنيمة مع أوغاد سموليت سيؤدي إلى حصول كل من أوغاد كرابر على جزء أصغر منها . وكلما زاد عدد اللصوص، قل نصيبهم من الغنيمة. إنك لم تدرك هذا عندما غادرت نيويورك، ولذلك، كنت تخاف من أن يعلن أمر سفرك. ولقد أدركت هذا الأمر الآن، وأنت تريد أن ينشر مقال مثير، حتى يضطر السيناتور سموليت إلى إنكار الأمر أو إثارة المزيد من الشكوك في نفوس الرجال الشرفاء في حزبه. وفي كلتا الحالتين، نشر الأمر سيؤدي إلى إلغاء بنود الصفقة، وستحتفظ بنصيبك الحالي. وحيث إنك لا تعرف أيا من ممثلي صحف نيويورك الدائمين في لندن، فلا يمكن أن تثق في ألا يشوا بك، ولذلك، جئت إلي. والآن، بعد أن تبين الدافع الأناني بشدة لفعلك، أنا على استعداد لتصديقك.»

ظهر بعض الارتباك في البداية على وجه السياسي، لكن هذا أفسح الطريق لنظرة تشي بالإعجاب غير المخفي بينما كانت الفتاة تتكلم.

ثم قال، ضاربا بقبضة يده على الطاولة عندما انتهت من كلامها: «يا إلهي، يا جيني! إنك خسارة في مجال الصحافة؛ حري بك أن تكوني سياسية. لو تزوجتني، يا فتاة، فسأصبح يوما رئيس الولايات المتحدة.»

قالت جيني، دون أن تشعر بالإحراج على الإطلاق من عرضه المهذب، رغم كونه مثيرا: «أوه لا، إنك لن تصبح كذلك.» وأضافت: «لن يصبح أبدا سياسي نيويوركي فاسد رئيسا للولايات المتحدة. سيكون عليك التعامل مع الناس الصالحين الذين يمثلون الغالبية العظمى هناك، وأنا ديمقراطية بالقدر الكافي بحيث أومن بهم عندما يتعلق الأمر بالمسائل الكبيرة، مهما حاولت أن تهمشهم؛ فإنك لن تستطيع خداع كل الناس طوال الوقت، يا سيد فليمنج، كما قال أحد السياسيين الكبار ذات مرة. إن الناس سيستفيقون من آن لآخر ويحطمونك.»

ناپیژندل شوی مخ