26

امرأة تدخل

تدخل‎ امرأة

ژانرونه

نظرت إليه السيدة الشابة نظرة جانبية طريفة، لكن لم ترد. وجمعت الأغطية التي أخذتها معها من غرفتها، وأعطته إياها قبل أن يفكر في أن يعرض عليها أخذها، ثم سبقته إلى سطح السفينة. وجد أن كرسييهما موضوعان جنبا إلى جنب، وأعجب بذكاء المسئول عن السطح، الذي بدا أنه عرف الكرسيين اللذين يجب وضعهما بعضهما بجوار بعض. جلست الآنسة جيني برشاقة على كرسيها، وسمحت له بوضع الأغطية حولها بعناية.

وقالت: «انظر! لقد فعلت ذلك على خير ما يرام؛ تماما كما كان سيفعله المسئول عن السطح، وأنا متأكدة أنه من المستحيل أن تسدى لك مجاملة على نحو أفضل من ذلك. إن القليل من الأشخاص يعرفون كيفية جعل الراكب في وضع مريح في كرسي السفينة.» «أنت تتكلمين وكأن لديك خبرة واسعة في السفر على متن السفن، رغم أنك قلت لي إن هذه هي أول رحلة لك.» «إنها بالفعل أول رحلة لي، لكن لا تحتاج المرأة إلى أكثر من يوم لترى أن الرجل العادي يتعامل مع تلك التفاصيل البسيطة على نحو أخرق بشدة. والآن، اثن الطرف جيدا بعيدا عن الأنظار. هذا جيد! شكرا جزيلا. هلا تتكرم و...؟ نعم، هذا أفضل. وهذا الغطاء الآخر أيضا. أوه، هذا ممتاز. يا لك من إنسان صبور، يا سيد ونتوورث!» «نعم، آنسة بروستر. إنك أجنبية. أستطيع تبين ذلك الآن. إن مجاملتك المزعومة جوفاء. لقد قلت إن ما فعلته ممتاز، ثم على الفور أرشدتني إلى كيفية فعله.» «إن ما قلته بعيد عن الحقيقة. لقد قمت بالأمر جيدا، وأعتقد أنك لا يجب أن تحرمني متعة إضافة بعض التحسينات الصغيرة الخاصة بي.» «أوه، إذا كنت ترين الأمر هكذا، فلن أحرمك من هذه المتعة. والآن، قبل أن أجلس، أخبريني أي كتاب يمكن أن أحضره ويكون ممتعا لك. إن المكتبة تحتوي على باقة رائعة جدا من الكتب.» «لا أعتقد أنني أريد القراءة اليوم. اجلس وتحدث معي. أعتقد أنني أشعر بكسل شديد اليوم. ظننت، عندما صعدت على سطح السفينة، أنني سأقرأ كثيرا، لكنني أرى أن هواء البحر يجعل المرء كسلان. يجب أن أعترف أنني لا أشعر بالاهتمام مطلقا الآن بتنمية العقل.» «من الواضح أنك لا تعتقدين أن حديثي إليك سيستحق الاستماع إليه على الإطلاق.» «كم أنت سريع في تحريف ما أقصد من كلامي! ألا ترى أنني أعتقد أن حديثك إلي يستحق الاستماع إليه أكثر من أكثر كتاب إمتاعا أو تنمية للعقل يمكنك أن تختاره من المكتبة؟ في الحقيقة، يبدو أنني، في محاولتي عدم إعطائك فرصة لإبداء هذه الملاحظة، وقعت في خطأ أسوأ. كنت فقط على وشك أن أقول إنني أرى أن حديثك معي أفضل كثيرا من قراءة كتاب، عندما ظننت أنك ستأخذ هذا باعتباره قدحا في قراءتك. إذا تعاملت مع ما أقول بهذه الحدة، فسأجلس هنا ولن أقول شيئا. والآن، تحدث!» «ماذا أقول؟» «أوه، إذا قلت لك ماذا تقول، فسأكون أنا من يوجه الكلام . أخبرني عن نفسك. ماذا تعمل في لندن؟» «إنني أعمل بجد. أنا مراجع حسابات.» «ماذا تعني كلمة مراجع حسابات؟ ماذا يفعل؟ هل يسجل الحسابات؟» «بعضهم يفعل هذا؛ لكنني لا أفعل هذا. أنا، بدلا من ذلك، أتأكد أن الحسابات التي يسجلها الآخرون قد سجلت على نحو صحيح.» «ألا تسجل دائما على نحو صحيح؟ ظننت أن هذا هو العمل الأساسي للمحاسبين.» «إذا كان هؤلاء يفعلون عملهم دائما على نحو صحيح، فلن يكون أمامنا الكثير لنقوم به؛ لكن يحدث، لسوء حظ البعض، وحسن حظنا، أن هؤلاء من آن لآخر لا يسجلون حساباتهم بدقة.» «وهل بإمكانك دائما اكتشاف ذلك عند فحصك للحسابات؟» «دائما.» «ألا يمكن للمرء أن يضبط حساباته بحيث لا يمكن لأحد أن يرى أن بها أي شيء خطأ؟» «إن الاعتقاد بإمكانية حدوث هذا الشيء جعل العديد من البائسين التعسين يدخلون السجن. لقد جرت تجربة الأمر كثيرا بالقدر الكافي.» «أنا متأكدة أن بإمكانهم فعل هذا في أمريكا. لقد قرأت عن حدوث هذا واستمراره لسنوات. لقد اختلس الكثيرون مبالغ كبيرة من المال عن طريق تزوير الحسابات، ولم يكتشف أحد الأمر إلا بعد أن مات المجرم أو هرب.» «لكن إذا كان قد استدعي مراجع حسابات خبير، كان سيكتشف بسرعة كبيرة أن هناك خطأ ما، وسيحدد بالضبط مكان الخطأ ومقدار المبلغ المختلس.» «أنا لا أعتقد أن هذه البراعة موجودة. هل اكتشفت من قبل شيئا كهذا؟» «نعم، فعلت.» «ما الإجراء الذي يتخذ عند اكتشاف شيء كهذا؟» «هذا يعتمد على الظروف. عادة ما يجري استدعاء الشرطة.» «يا إلهي! يبدو عملك مثل عمل المحقق. أرجو أن تخبرني ببعض القضايا التي صادفتها. لا تجعلني أطرح عليك العديد من الأسئلة. تكلم.» «لا أعتقد أن تجاربي ستثير اهتمامك على الإطلاق. هناك قضية تعاملت معها في لندن، منذ عامين، والتي ...» «أوه، لندن! أنا لا أعتقد أن ماسكي الحسابات هناك في نصف ذكاء نظرائهم لدينا. إذا كان عليك أن تتعامل مع المحاسبين الأمريكيين، فلن تكتشف بسهولة ما فعلوه وما لم يفعلوه.» «حسنا، آنسة بروستر، دعيني أقل لك إنني مررت لتوي بتجربة من هذا النوع مع بعض المحاسبين الأمريكيين الأذكياء جدا. ووجدت أن الحسابات قد ضبطت بطريقة بارعة للغاية؛ بهدف الخداع والتزوير. ولقد كان الأمر مستمرا على مدى سنوات.» «يا له من أمر مثير! وهل استدعيت الشرطة؟» «لا. كانت تلك إحدى القضايا التي لم يكن من الضروري فيها استدعاء الشرطة. لقد ضبطت الحسابات بهدف إظهار أن أرباح الم... الشركة ... أكبر بكثير مما هي عليه في الواقع. كان أحد مراجعي الحسابات الأمريكيين لديكم قد فحص بالفعل الحسابات، وسواء بسبب الجهل أو الإهمال أو بدافع خبيث، أكد على صحتها جميعا. إنها لم تكن صحيحة، وهذه الحقيقة كانت ستعني فقدان بعض الأشخاص عندكم لمبلغ كبير من المال، وعدم ضياع مبلغ كبير على آخرين عندنا.» «إذن، أعتقد أن مهنتك مهمة للغاية.» «نحن نعتقد ذلك، يا آنسة بروستر. أود الحصول على نسبة مئوية من المبلغ الذي يجري توفيره بسبب التقرير الذي أقدمه.» «وهل تحصل على ذلك؟» «للأسف، لا.» «أعتقد أن هذا أمر سيئ جدا. لا بد أن الفرق، بحسب اعتقادي، كان قليلا، وإلا ما كان مراجع الحسابات الأمريكي سيتجاهله، أليس كذلك؟» «أنا لم أقل إنه تجاهله. ومع ذلك، حجم الفرق لا يشكل أي فارق. الخطأ الصغير يسهل إيجاده شأنه شأن الخطأ الكبير. لكن كان هذا خطأ كبيرا. أعتقد أنه لا ضرر في القول بأن الحسابات، عند النظر إليها معا، أوضحت أن هناك أرباحا تساوي أربعين ألف جنيه، بينما كان يجب أن تشير إلى أن هناك خسارة بنصف هذا المبلغ تقريبا. أتمنى ألا يكون قد سمعني أحد.» «لا؛ نحن تقريبا بمفردنا، ويجب أن تتأكد أنني لن أنطق ولو بكلمة عما كنت تتحدث معي بشأنه.» «لا تقولي شيئا بهذا الشأن لكينيون، على الأقل. إنه سيظن أنني مجنون لو عرف ما قلته.» «هل السيد كينيون مراجع حسابات أيضا؟» «أوه، لا. إنه خبير تعدين. إنه يمكنه الدخول إلى أي منجم، وتحديد بدرجة معقولة من التأكيد ما إذا كان يستحق العمل به أم لا. بالطبع، كما يقول هو نفسه، يمكن لأي أحد أن يرى لعمق قدره ست أقدام في جوف الأرض مثلما يمكنه أن يفعل. لكن لا يمكن للجميع الحكم على قيمة أي منجم عامل على نحو جيد مثلما يفعل جون كينيون.» «إذن، بينما تعيش أنت وسط الأرقام، يعيش رفيقك وسط المعادن؟» «بالضبط.» «وهل توصل هو إلى اكتشاف مدهش مثلما فعلت؟» «لا؛ بل على العكس تماما. إنه يرى أن المناجم تعد أماكن جيدة للتملك، ويعتقد أنها إذا أديرت على نحو ذكي، فستمثل استثمارات جيدة؛ أي، كما تعرفين، عندما تكون بسعر معقول، وليس بالسعر الذي يطلبه مالكوها في الوقت الحاضر. لكني أعتقد أنه لا يمكن أن يكون لديك أي اهتمام بهذه التفاصيل المملة.» «في الحقيقة، أنت مخطئ. أعتقد أن ما قلته لي مثير بشدة.»

قالت الآنسة جيني بروستر، للمرة الوحيدة في حياتها، الحقيقة بالضبط. وشعر الرجل السيئ الحظ الذي كان بجوارها بالإطراء.

قال: «من أجل ما قلته لك، عرض علينا ضعف ما يدفعه لنا اللندنيون من أجل المجيء إلى هنا. في حقيقة الأمر، حتى أكثر من ذلك؛ فقد طلب منا أن نحدد المقابل الذي نريده.» «حقا؟! من قبل ملاك المناجم، بحسب افتراضي، حتى لا تفضح أمرهم؟» «لا. من قبل أحد رجال صحافة نيويورك المشهورين لديكم. حتى إنه ذهب إلى أبعد من هذا وسرق الأوراق التي كانت بحوزة كينيون في أوتاوا. لكن قبض عليه ببراعة قبل أن يستفيد بأي نحو بما سرقه. في الواقع، ما لم تكن بحوزة إدارة صحيفته في نيويورك الأرقام التي وضعت في الأصل أمام مجلس الشركة اللندنية، أشك أن أرقامي ما كانت ستكون ذات نفع كبير للصحفي إذا كان قد سمح له بالاحتفاظ بها. إن الأهمية الكاملة لتقريري ما كانت ستتضح حتى تجري مقارنة الأرقام التي أعطيتها بتلك التي كانت بالفعل بحوزة اللندنيين، التي أشار بصحتها مراجع حساباتكم الأمريكي الذكي.» «لا تطعن في أي مراجع حسابات فقط لأنه أمريكي. ربما يأتي يوم، يا سيد ونتوورث، تعترف فيه أن هناك أمريكيين أكثر ذكاء وبراعة من مراجع الحسابات هذا أو هذا الصحفي. أنا لا أعتقد أن النماذج التي تعاملت معها يمكن القياس عليها.» «أنا لا «أطعن»، كما تسمين الأمر، في الرجلين لأنهما أمريكيان. أنا «أطعن» في مراجع الحسابات لأنه جاهل أو فاسد. كذلك، «أطعن» في رجل الصحافة لأنه كان لصا.»

سكتت الآنسة بروستر لبضع لحظات. كانت تطبع في ذاكرتها ما قاله لها، وكانت متلهفة لتركه حتى تستطيع تدوين ما قاله لها بدقة في غرفتها. أعطاها صوت جرس الغداء العذر الذي كانت تحتاج إليه، لذا، بعد أن ودعت ضحيتها على نحو مهذب وودود، غادرت سطح السفينة مسرعة إلى غرفتها.

الفصل السابع

في صباح أحد الأيام، عندما ذهب كينيون إلى غرفته عند سماعه جرس الإفطار، وجد شاغل السرير العلوي الكسول لا يزال في فراشه.

صرخ فيه قائلا: «استيقظ يا ونتوورث؛ هذا لن يجدي نفعا، كما تعلم. انهض! انهض! الإفطار، يا صاح! الإفطار! إنه أهم وجبة في اليوم بالنسبة إلى الرجل الذي يحافظ على صحته.»

تثاءب ونتوورث ومد ذراعيه فوق رأسه.

وسأله: «ما الأمر؟» «الأمر هو أنه قد حان وقت الاستيقاظ. لقد دق الجرس الثاني.» «يا إلهي! هل تأخر الوقت هكذا؟ أنا لم أسمعه.» جلس ونتوورث في فراشه ونظر بأسى إلى المسافة الكبيرة بينه وبين الأرض. ثم سأل: «هل استيقظت منذ وقت طويل؟»

ناپیژندل شوی مخ